تشكل معاهدة السلام التاريخية بين الإمارات وإسرائيل منعطفاً فاصلاً في منطقة الشرق الأوسط، إذ تقطع الطريق على المتاجرين والمزايدين بالقضية الفلسطينية، وتكشف بوضوح الأطراف الساعية إلى إرساء دعائم السلام والاستقرار في المنطقة، حسبما أفاد محللون سياسيون، أشادوا أيضاً بالمكسب الكبير الذي حققته المعاهدة بوقف ضم إسرائيل أراضي الضفة الغربية، إذ تُلزم المعاهدة الجانب الإسرائيلي رسمياً بوقف الضم الذي لطالما هدد حل الدولتين، وكان بمثابة قنبلة موقوتة تهدد السلام والاستقرار. وأشار المحللون إلى أن معاهدة السلام تُسقط الأقنعة عن منتهزي الفرص الذين لطالما حاولوا تحقيق مكاسب شخصية وأيديولوجية من دون أن يعود ذلك على القضية الفلسطينية، بأي نفع طوال عقود مضت، لافتين إلى أن انضمام دول أخرى في المنطقة إلى المعاهدة من شأنه أن يعزل القوى الساعية إلى نشر الكراهية والعداء. من جانبه، أكد ريان بول، المحلل السياسي الأميركي من مؤسسة «ستراتفور» للأبحاث، أن معاهدة السلام التاريخية تجعل «إسرائيل ملتزمة رسمياً بوقف ضم الأراضي الفلسطينية»، وهو مكسب كبير للفلسطينيين. وأوضح لـ«الاتحاد»، أن المعاهدة تكشف انتهازية بعض القوى الإقليمية في المنطقة، مثل تركيا التي تحاول إظهار نفسها باعتبارها «مدافعاً عن القضية الفلسطينية»، على الرغم من أن لديها علاقات طويلة الأمد مع إسرائيل وفي مجالات شتى، مشيراً إلى أن تركيا لديها سقف لا يمكنها تجاوزه، فهي لا تستطيع تحمّل معاداة إسرائيل ولا الولايات المتحدة، ولا أن تتخذ أي تدابير تغضبهما. وأشار إلى أن تركيا تبدو معزولة، فليس لديها حلفاء كُثُر لينضموا إليها في رفض المعاهدة، موضحاً أنه إذا ما حذت دول عربية أخرى، مثل عمان والبحرين، حذو الإمارات في إبرام معاهدة سلام مع إسرائيل، فإن تركيا، ومعها الأصوات الرافضة للسلام كافة، ستواجه مزيداً من العزلة في الشرق الأوسط. من جانبه، اعتبر المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية، مايكل ماكوفسكي، أن أبرز الأقنعة التي أسقطتها المعاهدة هو القناع التركي، لافتاً إلى أن اتفاقيات السلام العربية تكشف الأطراف الجادة في صنع السلام، وكذلك تلك الساعية إلى نشر الكراهية. وقال ماكوفسكي: «إن أولئك الذين أشادوا بمعاهدة السلام أظهروا أنهم جادون وشركاء يسعون لتحقيق السلام في الشرق الأوسط»، مسلطاً على الضوء على تأييد دول مثل بريطانيا وفرنسا واليونان والبحرين وسلطنة عمان ومصر والأردن. وأضاف المسؤول السابق في «البنتاجون» والمحلل السياسي: «على النقيض من ذلك، فإن الرافضين كشفوا مدى تطرفهم، وهو ما يتسق مع مواقفهم خلال العقد الأخير من خلال إراقة الدماء وإذكاء الصراعات الطائفية». واستهجن ماكوفسكي ردّ فعل تركيا، التي تقيم علاقات مع إسرائيل منذ عام 1949، محذراً من مواقف أنقرة التي سلحت المتطرفين، وتسامحت مع استغلالهم الأراضي التركية. وطالب ماكوفسكي، بحسب مجلة «نيوزويك»، الإدارة الأميركية بتبني نموذج جديد في التعامل مع الدول الرافضة للسلام، موضحاً أن على واشنطن أن تدرك أن تركيا ليست حليفاً، وأن تتعامل معها وفقاً لذلك.
مشاركة :