منذ أن دخلت جدة التاريخية تحت مظلة اليونسكو كإحدى أعرق وأهم المدن في التراث العالمي، زاد الاهتمام بها يومًا بعد يوم، وقد أخذت منعطفًا سياحيًّا بارزًا بعد أن أدخلت عليها الكثير من الفعاليات والاهتمام بالدور والمنازل للأسر العريقة التي سكنت هذه المنطقة منذ مئات السنين. وقد حظيت هذه المنطقة برعاية حكام هذه البلاد، والذين سعوا جاهدين في أن تبقى النواة الأولى لهذه المدينة التاريخية العريقة كعراقة أهلها وأصالة مجتمعها الذي يُعدُّ واجهة حضارية، وشاهدًا بارزًا لجميع زوّارها ومحبيها والقادمين إليها من شتى بقاع العالم. أعجبني جدًّا تنوّع فعاليات هذا العام «ثقافية، اجتماعية، ترفيهية واقتصادية» والمهرجان المصاحب -رمضاننا كدا (2) لعام 1436هـ- وما حوته من مظاهر تراثية أعادت لنا ذكريات محببة من الزمن الجميل للأجيال السابقة الذين سكنوا هذه المنطقة التي كانت مفعمة بالحيوية والنشاط، كما أسعدني رؤية شبابنا السعودي وهم وقوف خلف البسطات المليئة بالمأكولات الشعبية التي اشتهرت بها جدة قديمًا، وكان إقبال الزوّار عليها بشكلٍ لافت، كما كان هناك دور فاعل للأسر المنتجة لترويج الكثير من السلع والمأكولات المعدّة منزليًّا والتي لاقت استحسان الجميع. الملاحظة الوحيدة التي عانى منها روّاد المهرجان والمترددين على نواة جدة التراثية القديمة هو قلة المواقف العامة للسيارات، فهذه المنطقة لا تستوعب الأعداد الهائلة من الزائرين لها، والمترددين عليها طوال العام من المعتمرين والحجاج، والزائرين للمملكة في شتّى المجالات. نأمل من أمانة محافظة جدة وهي الشريك الرئيس في العناية بهذه المنطقة والحريصة على توفير الراحة لقاصدي جدة القديمة (في نشأتها الحديثة في تأهيلها ورونقها وجمال مكوناتها)، أن توفر أربعة أو خمسة مواقف عامة متعددة الأدوار موزعة حول المنطقة التاريخية، بحيث يجد الزائر أو السائح موقفًا مناسبًا بالقرب من المنطقة التراثية لكي يستمتع بجمال وروعة محتوياتها، وأن يقضي فيها الساعات الطوال دون أن يقلق على سيارته، أو من مخالفات وجزاءات المرور. أود أن أشكر جميع المهتمين بجدة التاريخية، والذين أوصلوها إلى هذا المستوى العالمي الرفيع في الحفاظ على تراثها العريق بدءًا بحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله-، ثم بسمو أمير المنطقة، وسمو محافظ محافظة جدة، وسمو الرئيس العام لهيئة السياحة والتراث الوطني، ولأمانة محافظة جدة، ولكل من أسهم وشارك في نجاح الفعاليات والمهرجانات التي زادت المنطقة رونقًا وجمالاً وأصالةً يستفيد منها الأبناء والأحفاد، وكشاهد ملموس على تراثنا العريق. mdoaan@hotmail.com
مشاركة :