صديقك من صدَقك وليس من صدّقك، عزف المشاعر تلك الاسطوانة الرنانة، ولكنها ليست باسطوانة حقيقية، إنما احتوى العنوان على الاستعارة المكنية، حيث انه أتى بشيء من صفات الإنسان ألا وهو العزف، حيث ان المشاعر لا تعزف ولكنني اكتفيت هنا بكلمة عزف تلك التي تكون مشابهة بعزف الوتر الرنان الجميل وقد يكون قبيحا. إن عزف المشاعر تلك المقصود بها، عندما يفتح الإنسان قلبه لمن يريد ويقول ما يريد وهوعلى ثقة تامة بأن الطرف الآخر «ذو القلب الرحيم» والمستمع الجيد لآلام ذلك الصديق، وما يعزفه وينشد من مشاعر ويبوح بها لذلك الصديق الوفي الذي حتما كله صدق وكتم لتلك الأسرار، والمحافظة على مشاعر الآخرين، ماذا يا ترى يكون ردة فعل ذلك الشخص المسكين المستكين عندما يعلم بأن أسراره ومشاعره الفياضة أصبحت جرائد موزعة، وأعزوفه ينشدها ذلك الصديق الوفي عند كل من هب ودب فعندما يقوم بزيارة لصديقة يتفاجأ بسؤال أقرباء الصديق النزيه وأخوته والنظرات التي يتبادلونها مع بعضهم، فهل يا ترى تكون نظرته له كالسابق؟ هل سيستمر في هذا المسلسل المكسيكي المدبلج ويبوح بمشاعره له؟ هل سيكون حذراً كل الحذر في المرة المقبلة وحريصاً كل الحرص عند بوح أسراره له أو لغيره؟ إن مفهوم الصداقة أصبح في عالمنا له اسم مختلف، ربما صداقة المصالح، أو صداقة من أنت ومن أنا، هل للإنسان الذي وقع في ذلك الفخ في يوم من الأيام أن تكون له الثقة بالأخرين كالسابق، أم يقول هناك الصالح والطالح، وهذا مجتمع تسوده القيم والمثل ولا بد أن يكون هناك أشخاص محل ثقة. لماذا الصداقة لم تصبح كالسابق لماذا لا نحافظ على أسرار الغير مثلما نريد أن يحافظوا على أسرارنا، من يريد فضح نفسه فأعتقد أن التكنولوجيا غنية عن ذلك، فالإنترنت متوافر، لماذا أصبح التشهير بالناس بغرض المتعة، ومن يعرف عن شخصية ما وبالذات المشاهير تكون نغمة الموسم الكل يرددها وكأنه اكتشف المعجزة، على الرغم إذا كان هناك شخصية فذة وفريدة من نوعها دينية أو علمية... الخ لا نجد من يهتم لأخباره ولا آخر انجازاته وكأنه شيء بديهي ولا يستحق المطالعة والبحث لتلك الشخصية. هل يا ترى هو سوء اختيار، أم للغيرةِ دور أيضا في ترويج أخبار الصديق والاستهزاء به والطعن بظهرة، فعلا بتنا نعزف مشاعرنا للآخرين، ولا محل للثقة في هذا الزمن الوخيم، صحيح على الدنيا السلام. * كاتبة وفنانة تشكيلية Email:drmonart-111@hotmail.com