الدول الحاضنة لداعش تستهدف استقرارنا - د. حسناء عبد العزيز القنيعير

  • 7/26/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أن هناك دولاً أوجدت ذلك التنظيم الإرهابي، ودعمته بكل ما تستطيع؛ لتحقيق أهداف خاصة في كل دولة من تلك الدول، لكن يبقى الهدف النهائي واحداً لدى الجميع، وإن اختلفت أساليب الاستهداف.. لا صوت يعلو فوق صوت تنظيم داعش الإرهابي، وجرائمه التي فاقت كل تصور، وتفوقت على كل الجرائم التي ارتكبها المحاربون والإرهابيون القدامى عبر التاريخ الإنساني، نظراً لتنوّعها وتفرّدها بأساليب لم تخطر على بال من سبقهم، بل قد يكون وجد ما يماثلها، لكن التفرّد يبدو في الجمع بين أكثر من أسلوب وحشي كالذبح والحرق والإغراق والسحل وتقطيع الأطراف والتفخيخ ونسف الأسرى؛ تنكيلاً بالضحايا على نحو يكشف عن دمويتهم ووحشيتهم وإجرامهم الذي تقشعر منه أبدان الوحوش قبل البشر! إن وجود تنظيم داعش الإرهابي، أبعد ما يكون عن تكون فصيل إجرامي نتيجة للفوضى التي خلّفتها الثورة السورية، كما أن الأمر أبعد ما يكون عن نزاع طائفي همجي بين فصائل متناحرة، لكسب النفوذ والسيطرة على مساحات من هذه الدولة أو تلك، ونهبها وسلب خيراتها، من يتصور أو يظن أن هذا هو هدف ذلك التنظيم الإرهابي، فإنما هو جاهل بطبيعة المخططات التي تحاك ضدنا، أو أنه منسجم مع تلك الأجندات التي تكاتف كثيرون على صنعها، أولئك الذين يجمهعم هدف واحد وإن اختلف المحرك والباحث لها. لا يشك عاقل أن الغاية الأولى من إيجاد ذلك التنظيم الإرهابي، وجعله قبلة لكل عتاة المجرمين وشذاذ الآفاق من كل دول العالم، لا يشك إطلاقاً أن بعض دول الخليج العربي، هي المستهدفة بالدرجة الأولى، تحقيقاً لفكرة الفوضى الخلاقة التي آتت أكلها في بعض الدول العربية، خصوصاً أن دولنا يوجد فيها بعض الأبناء المارقين والعاقين لها، أولئك الذين تولى رعايتهم وتأليبه حفنة من تجار الدين المتكسبين به، والذين يلعبون على كل الأوتار. هذه التربة الخصبة هي التي جرّأت ذلك التنظيم الإجرامي على استقطاب عدد من الموتورين والمختلين عقلياً ودينياً ووطنياً، لتحقيق أهداف الإرهابيين، والدول التي صنعتهم. لا شك أن هناك دولاً أوجدت ذلك التنظيم الإرهابي، ودعمته بكل ما تستطيع؛ لتحقيق أهداف خاصة في كل دولة من تلك الدول، لكن يبقى الهدف النهائي واحداً لدى الجميع، وإن اختلفت أساليب الاستهداف، فما هي تلك الدول؟ أهي إسرائيل أم أميركا أم إيران أم تركيا، أم كلها مجتمعة؟ ليعم بلادنا حال من "الديستوبيا" التي تعني الأمكنة والمدن السيئة والخبيثة، التي يملؤها الرعب والشر والظلام والظلم والكآبة، والفساد والقحط والفقر وكل آفات الدهر التي تشكل مقدمة لانهيار الدولة المدنية، يسعون إلى ذلك بأيدي حفنة شريرة من المحسوبين على الإسلام، والمنتمين لنا! ليست غاية هذا المقال تحليلية، أو اجتراح حلول، بقدر ما هي رصد للمؤشرات والأدلة التي تكشف المتآمرين علينا، من باب اعرف عدوك، وكل ما أوردته فيه، نقلاً عن وكالات أنباء عربية وأجنبية، ورؤى بعض المحللين السياسيين.. يجمع كثير من المحللين على أن أميركا كما خلقت تنظيم طالبان وتنظيم القاعدة، في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كأداة لإرهاب الاتحاد السوفييتي وطرده من أفغانستان، وبعدها انقلب السحر على الساحر مما يعرف أحداثه الجميع، فإنها وجدت في تنظيم داعش أحدث سلاح لنشر الفوضى الخلاقة في المنطقة العربية، وقد فجّرت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون مفاجأة من الطراز الثقيل، عندما اعترفت بأن الإدارة الأميركية أسست ما يسمى بتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المعروف ب"داعش"، لتقسيم منطقة الشرق الأوسط، تلك الاعترافات التي جرى تكذيبها عندما انتشرت انتشار النار في الهشيم، لكن الواقع المشاهد يؤكدها، وأبرز ذلك؛ التراخي الأميركي في العمليات ضدهم، وذاك التصريح الخطير الذي أدلى به أوباما بأنه "سوف ننتهي من داعش بعد ثلاث سنوات على ثلاث مراحل"، وهو يقصد فعلاً انتهاء دور "داعش" بعد تلك المدة، ونجاح المشروع حسب ما خططوا له، كما ذكر نائب وزير الخارجية الأميركية وهو يتحدث عن الجهود المبذولة لمواجهة الحرب ضد داعش، بقوله: إنّها ستكون حربًا طويلة، ولكننا نمتلك الاستراتيجية الصحيحة! كما صرح الأدميرال البحري اندرو لويسن بأن الحرب على داعش في العراق ليست قصيرة بل طويلة جدًا. وأشارت الصحيفة البريطانية "ذي تلغراف" أن بعض الحلفاء المقربين من أميركا أكدوا أن الرئيس باراك أوباما وعدداً من القادة الغربيين، بينهم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، فشلوا في التعامل بقيادة استراتيجية مع أخطر أزمة أمنية يعرفها العالم منذ عدة عقود، وأن مسؤولين عرباً بارزين، أكدوا لها أن جميع المحاولات لإقناع أوباما بضرورة تسليح الأكراد مباشرة ضمن الجهود للقضاء على "داعش" باءت بالفشل.. فماذا يعني هذا سوى إطالة أمد الحرب، إما لتحقيق المخطط بسيطرة داعش، وإما لاستنزاف دول المنطقة وإهدار ثرواتها، وتعطيل مشروعاتها المستقبلية، ليتحقق تلقائياً مفهوم "الديستوبيا". يؤكد كل هذا أنهم ماضون في غاية العزم على تنفيذ مخططاتهم المدمرة. وكان لاري تشيني من مركز الأبحاث العالمية قد كتب مقالًا في 5 أكتوبر 2014، كشف فيه الأكذوبة الضخمة التي تروجها الإدارة الأميركية بأنها تحارب تنظيم داعش في إطار تحالف دولي، وأكد بدلائل وشواهد أن داعش من صنع أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية، أما أدوات تحقيق هذه الأهداف، وتنفيذ هذه المخططات فتتمثل في منظمات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان، التي مازالت تحظى بدعم إدارة أوباما والحكومة البريطانية، بعد أن أثبتت هذه المنظمات الإسلامية ولاءها الكامل للولايات المتحدة وبريطانيا، مقابل أن تضمن لها حكم الإخوان دول المنطقة! وماذا عن إيران؟ كشف الديبلوماسي المنشق فرهنكيان عن أن تنظيم "داعش" يتم تحريكه من خلال غرفة عمليات حربية في مشهد، شمال شرق إيران، يديرها كبار قادة المخابرات الروسية والإيرانية، بهدف "خلق فوضى كبيرة في العالم العربي عامة، والخليج خاصة" وإن "من أخطر ما تأكدتُ منه هو أن العمل يسير بشكل سريع ومنظم لتطويق دول الخليج وجرها إلى الحرب"، وأضاف "استطاع الروس والنظام الإيراني تجنيد آلاف من الهاربين من المناطق السورية والعراقية الملتهبة، ومن تنظيم القاعدة، إضافة إلى تجنيد آلاف الهاربين من الحرب ضد البعث العراقي، حتى أصبح تنظيما البعث والقاعدة تنظيماً واحداً تحت اسم داعش". وتابع الديبلوماسي في تقريره أن "المخطط المقبل الذي أراه واضحاً أمامي هو جرّ الأردن ومصر إلى الحرب، وبالتالي خلق فوضى في المنطقة، لبدء مرحلة متقدمة ضمن الحرب العالمية الثالثة، فالروس والإيرانيون لن يصمتوا أمام حرب البترول ضدهم، وحصار الغرب لروسيا بسبب أوكرانيا، وإذا ما نجح الروس والإيرانيون في تنفيذ أخطر مخطط تشهده المنطقة، فإن ذلك في حقيقة الأمر سيكون كفيلاً بإعادة العالم العربي مئتي عام إلى الوراء بكل ما في ذلك من مآس ودمار"! وفي إحدى رسائل "أبو محمد العدناني" المتحدث الرسمي باسم داعش، التي وجّهها إلى أيمن الظواهري خليفة الإرهابي ابن لادن وكشفت عن "أبعاد العلاقات تاريخية بين القاعدة والنظام الإيراني" ومما جاء فيها للظواهري أن "داعش" ظلت ملتزمة بنصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ولم تضرب إيران "الروافض" منذ نشأتها، وتركتهم آمنين في إيران، امتثالاً لأمر القاعدة للحفاظ على مصالحها وخطوط إمدادها في إيران".. أثبتت الرسالة بما لا يدع مجالاً للشك، كل ما يتردد من معلومات وأخبار عن العلاقة الحميمة التي تربط بين إيران وداعش، وذلك تحقيقاً لنهج دولة الملالي في إذكاء الصراعات المذهبية بين دول المنطقة، وبث الفوضى والدمار، سعياً لتحقيق أحلامها وثأرها التاريخي، واستخدام الأطراف التي تسيطر عليهم كالأحزاب والتنظيمات المتطرفة في العراق وسورية وحزب اللات والحوثيين، أوراق ضغط في تعاملها مع أميركا ودول الغرب! ومما يلاحظ أنه أنه لم تقع أي مواجهة بين داعش وحزب اللات، ويؤكد خبراء أنه عُثر مع عناصر من ميليشيات داعش على خطوط هواتف إيرانية، وجوازات سفر وهويات إيرانية، خاصة مع العناصر الجهادية التي وصلت إلى سورية عن طريق إيران. ومن أدلة تلك العلاقة الحميمة بين الطرفين اشتراط إيران على داعش بالبعد نحو ما يزيد على الخمسين كيلو متراً عن الحدود الإيرانية، فهل سمعنا يوماً أن داعش استهدفت دولة الملالي حتى ولو بحزام ناسف؟ فلا يتوقع أن تشكل تهديداً لهم لا في المستوى القريب ولا البعيد، إلا إذا انقلب السحر على الساحر الذي نرجو أن يكون قريباً. تبقى تركيا، فقد أشارت كثير من الصحف إلى أن "عشرات الآلاف من مناصري تنظيم داعش دخلوا سورية عبر تركيا، وانضموا لها، ومن بينهم 700 بريطاني، كما ذكرت أن كثيرين يتهمون تركيا باحتضان تنظيم داعش، وتوفير غطاء عسكري له. ورأت أن السبب وراء ذلك، اعتقاد أنقرة بأن تنظيم الدولة الإسلامية أقل خطورة من الانفصاليين الأكراد.. وقال موقع غلوبال ريسيرتش الأميركي إنّ "هنالك علاقة وطيدة بين حكومة أنقرة وتنظيم داعش، وذكر أن ممرضة نافذة تقف على رأس الطواقم الطبية السرية التي تقدم العلاج للمصابين في صفوف تنظيم داعش خلال المعارك الدائرة مع الجيش السوري النظامي، وأنها تلعب دوراً مهماً في نقل المصابين من داعش إلى مستشفيات تركيا لتلقي العلاج". وكان الموقع قد كشف هذه المعلومات خلال لقاء مع ممرضة (34 عاماً) رفضت الكشف عن هويّتها خوفًا على حياتها، وهي تسكن في ضواحي اسطنبول، حيث أفادت بأنها شاهدت عشرات الجرحى من عناصر داعش ينقلون في شاحنات عسكرية تركية. ونشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية شهادة عضو سابق في تنظيم "داعش" يكشف فيه عن مدى التعاون الوثيق بين القوات التركية وحرس الحدود الأتراك وتنظيم داعش، ما يسمح لهم بالسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية، بالتنقل عبر الأراضي التركية، لتعزيز مقاتليهم الذين يحاربون القوات الكردية! في الوقت الذي غالباً ما أطلقت القوات التركية النار على أشخاص حاولوا عبور الحدود من أجل نقل مؤن وأغذية للمقاتلين الأكراد. إن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: ما حقيقة الانفجار الذي حدث في تركيا الأسبوع المنصرم؟ أما علاقة داعش بإسرائيل فتلك قصة أخرى، لنا معها وقفة لاحقاً.

مشاركة :