الاختلاف حقيقة من الحقائق التى خلقها الله عز وجل إذ قال فى محكم آياته (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) خلقنا الله مختلفين ليبحث كل منا عما ينقصه فى الآخر فالاختلاف هنا يكمن فى أن تجد الذى ينقصك فى صديقك أو زوجك أو أخوك فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يشبه الآخر لا فى اللون فلو شاء لجعل الناس لون واحد أو جنس واحد أو ديانة واحدة ولكنه عز وجل جعلنا مختلفين حتى يكمل كل منا الآخر.فالله عز وجل خلق البشر فى المنظومة الكونية مختلفين فى الأشكال والألوان والعقائد والألسن واللغات فقال فى كتابه الحكيم (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف السنتكم وألوانكم) واختلافهم فى عقائدهم وإيمانهم بالله فمنهم مؤمن ومنهم الكافر وكذلك سخر من البشر من يخدم الآخر لأجل مصلحته الخاصة وليس غريبا أن يختلف البشر فى الأفكار والمعتقدات والعادات والتقاليد والتصورات ولكن الغريب هو محاولات البعض جعل الناس يؤمنون بفكر واحد وثقافة واحدة ونية واحدة وقيادة واحدة.فمن الطبيعى أن يتمايز الناس عن بعضهم ويختلفون فى قدرة تحملهم للمسؤوليات فكل إنسان له قدرة تحمل تختلف عن الآخر ووسع وجهد بقدر الطاقة التى أعطاها الله لكل منهم فالاختلاف دليل على صحة المجتمع ليعود عليه بالنفع والاستفادة والتكامل.فقد أشارت اليه بعض المؤتمرات العلمية مثل مؤتمر لاهاى للقانون المقارن عام1936 ومؤتمر باريس عام 1951.فهل يقبل كل منا اختلاف الآخر؟ وأقصد هنا أدب الاختلاف ومدى تقبله من شخص لأخر فهى مشكلة يعانى منها الكثير من البشر وهى أصل فكرة التنمر السائد فى الآونة الأخيرة فالمتنمر هنا لا يقبل فكرة وثقافة اختلاف الآخر عنه وأنها شيء طبيعى خلقه الله وله فيه حكمة قد نعلمها وقد لا نعلمها فما ذنب إنسان بشرته سوداء فهل خلق نفسه؟ وما ذنب طويل أو قصير أو عربى أو أعجمى أو فقير أو غنى أو من عائلة بسيطة أو عائلة كبيرة؟ فذلك يرجع إلى البيئة التى نشأ فيها وإلى الثقافة التى تربى عليها لأن التربية لها أثر كبير فى تقبل فكرة الاختلاف بيننا فانتشار هذا النوع من الثقافة وما نراه فى تدنى المستوى الفكرى للبعض يؤدى إلى اغفال دور العقل وتعطيله قدراته ويؤدى إلى ظهور جيل لا يعتمد على الحجة والدليل فى حكمه على القضايا الحياتية وإنما يعتمد على سطحية الأفكار التى نشأ عليها. واحترام الآخر من أخلاقيات التعامل، فهى ليست مرتبطة بالاختلاف وحسب، ولكنها مرتبطة بحقوق الإنسان على أخيه، وعند الخلاف تظهر الأخلاق فأحيانا الاختلاف يأخذ البعض إلى سوء الظن، وغيبة الآخرين وتصيد الأخطاء أثناء الحديث، وعدم الموضوعية فى الحكم على الأمور وإنصاف الآخر فثقافة الاختلاف غائبة عنا ويجب علينا أن نعمل على عودتها وذلك بتنشئة الأجيال القادمة على تقبل اختلاف الآخر.
مشاركة :