خمس أولويات لحكومة تونس تختبر قدرة المشيشي على الإنجاز | خالد هدوي | صحيفة العرب

  • 9/2/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

فرضت التحديات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تواجهها تونس، مراهنة رئيس الحكومة الجديدة هشام المشيشي على إجراء إصلاحات ضرورية للخروج من الأزمة المتفاقمة، وهي إصلاحات لطالما ترقبها التونسيون ودأبت الحكومات المتعاقبة على الترويج لها في خطاباتها على غرار مكافحة الفساد والنهوض بالاقتصاد الوطني وغيرهما. تونس - تطرح الأولويات الخمس التي تبناها هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية الجديدة، في برنامج عمل حكومته، تساؤلات بشأن قدرة الحكومة على تفعيلها على أرض الواقع وإيجاد حلول كفيلة للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤرق التونسيين، أم أنها ستظل مجرد خطاب سياسي تلتجئ إليه الحكومات المتعاقبة كلما اقتضت الضرورة ذلك. وأعلن رئيس الحكومة هشام المشيشي في افتتاح جلسة منح الثقة بمجلس نواب الشعب الثلاثاء أن حكومته ستعمل على الإنجاز ضمن مقاربة خصوصية تعطي الأولوية للمواطن، وبحث حلول غير تقليدية ومبتكرة بالاعتماد على الإمكانيات الذاتية المتاحة. وقال المشيشي، في كلمة ألقاها خلال جلسة عامة بالبرلمان، “إن حكومته ستعمل على إيقاف نزيف المالية العمومية عبر استعادة الإنتاج، خاصة في قطاعات حيوية مثل الطاقة والفوسفات” وهي قطاعات تواجه احتجاجات اجتماعية متواترة وتعطيلا للإنتاج منذ سنوات. وسيعمل المشيشي على بدء حوار مع المانحين الدوليين ضمن خططه لتعبئة الموارد المالية لدعم موازنة الدولة، إلى جانب مراجعة الإنفاق العام للدولة، ودعم المؤسسات المتضررة من جائحة كورونا، وإصلاح الإدارة وتعزيز نظام العمل عن بعد. وأضاف المشيشي أن حكومته ستعمل على حماية القدرة الشرائية للمواطنين وإعادة توجيه الدعم لمستحقيه وضرب الاحتكار، فضلا عن حماية الفئات الهشة ومقاومة الفقر. واعتبر أن الأرقام والمؤشرات لا تبعث على الاطمئنان، حيث بلغ حجم الاقتراض السنوي نحو 15 مليار دينار تونسي (5.5 مليار دولار)، علاوة على مجمل الدين الذي بلغ 80 مليار دينار. وتوقع المشيشي أن تبلغ خدمة الدين العمومي في 2021 أكثر من 14 مليار دينار، وهو ضعف النفقات المخصصة للتنمية ما يعني تخلي الدولة عن دورها الأساسي في هذا المجال. ولفت إلى تراجع نسب الاستهلاك والادخار وتقلص نسب الاستثمار وزيادة عدد العاطلين في صفوف حاملي الشهادات العليا. ويرى خبراء الاقتصاد أن مهمة المشيشي عسيرة شريطة إيجاد سند سياسي وقانوني من الأحزاب لتسهيل المهمة وضمان استمرارية حكومته، حيث تأتي هذه الحكومة في وقت تتفاقم فيه التجاذبات السياسية ما يجعل من الصعب البت في مصير هذه الحكومة. فوزي عبدالرحمان: نجاح المشيشي رهين سند سياسي قوي من الأحزاب فوزي عبدالرحمان: نجاح المشيشي رهين سند سياسي قوي من الأحزاب وأفاد وزير التكوين المهني والتشغيل السابق فوزي عبدالرحمن بأن ’’المشيشي قادر على القيام بإصلاحات ناجعة شريطة توفر سند سياسي قوي من الأحزاب‘‘، قائلا “إذا لم يكن هناك دعم حزبي سيصطدم بمقاومة شرسة لأن في كل إصلاح وتغيير هناك خاسرون ورابحون”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هي أولويات يتحدث عنها الجميع وكنت أنتظر بعض الكلمات الرموز مثل التكنولوجيا والصناعة وإصلاح التعليم والتربية والناتج القومي الخام وتطويره”، معتبرا إلغاء وزارة التكوين المهني والتشغيل “قرارا خاطئا”. ورهن عبدالرحمن نجاح الإصلاحات بضرورة رفع العراقيل أمام الاستثمار، وأبرزها المناخ الإجرائي والقانوني والرخص والعمل الإداري وتبسيط الإجراءات، فضلا عن المناخ المالي والمصرفي الذي يحتاج إصلاحا جوهريا لكي يكون ميدان دافع ومحرك للاستثمار. وتابع “لا بد من مراجعة شفافية الدولة في محاربة الفساد وأشكاله، فضلا عن دعم الجانب الأمني المهم”، قائلا “لا خيار لنا إلا بدفع الاستثمار”. وتعاني تونس من ارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة وتردي الأوضاع المعيشية، فضلا عن ضعف القدرة الشرائية للمواطن. وبلغ عدد العاطلين عن العمل 634.8 ألف عاطل من مجموع السكان النشيطين مقابل 623.9 ألف عاطل خلال الثلاثي الرابع من سنة 2019، وقدرت نسبة البطالة بـ15.1 في المئة خلال الثلاثي الأول لسنة 2020 بنسبة 12.3 في المئة لدى الذكور و22 في المئة لدى الإناث، حسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء. وتنذر هذه الأرقام، إلى جانب تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد، بانفجار مجتمعي وشيك ما يحتم المضي قدما في الإصلاحات. وأكد المحلل السياسي باسل الترجمان أن التحديات التي وضعها المشيشي ضرورية ولا مفر من معالجتها، واصفا الأوضاع بـ”الكارثية”. وتساءل في تصريح لـ”العرب” عن الآليات الكفيلة بتطبيق هذه الإجراءات وعن دور البرلمان إذا ما كان داعما أم معطلا لها. وتابع “حكومة المشيشي هي حكومة إنقاذ اقتصادي ولها أهداف محددة، وعملية الإنقاذ تتمثل في منع انهيار المنظومة الاقتصادية فضلا عن ارتفاع نسبة المديونية وفوائض القروض”. وحمل الترجمان الأطراف السياسية مسؤولية منع انهيار الاقتصاد عبر منح الثقة للحكومة وعدم تعطيل مشاريعها التنموية في البرلمان وخصوصا قانون المالية. ودعا إلى ضرورة وقف التوريد العشوائي خصوصا الذي يدمر الاقتصاد على غرار اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، مبرزا “10 آلاف مليار تدفعها تونس ثمن الواردات الاستهلاكية التي لا تقوم بإعادة إنتاج أي مادة في تونس، ومن غير المعقول أن يكون الميزان التجاري مع تركيا سلبي بـ1.1 مليار لصالح تركيا على حساب الاقتصاد الوطني”. ولم تتجاوز نسبة النمو في تونس في 2019 الواحد في المئة فيما توقع صندوق النقد، قبل بداية أزمة كوفيد – 19 العالمية، انكماش الاقتصاد بنسبة 4.3 في المئة في 2020. وتسببت جائحة كورونا في مضاعفة الأزمات الاقتصادية، التي تواجه منذ سنوات تحديات وتذبذبا في سعر صرف الدينار، وارتفاعا في نسب التضخم، وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وبلغت نسبة المديونية 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بقيمة تقدر بـ92 مليار دينار (32.8 مليار دولار)، وتراجع الاستثمار بنسبة 16 في المئة. وخلال كلمته الثلاثاء اعتبر المشيشي أن تونس تعيش نزيفا رغم أنها شهدت ثورة تنادي بتنمية دون تمييز، و”انتظر منها الشعب أن تتساوى فرص أبنائه في التعليم والرعاية الصحية، وخدمات ترقى إلى تطلعاته المشروعة في دولة تحترم مواطنيها ولا يشعر فيها التونسيون في الداخل والخارج بالتمييز”. وحكومة المشيشي المكونة من "كفاءات مستقلة" هي الثالثة منذ بدء العهدة البرلمانية في نوفمبر الماضي. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :