حكومة المشيشي تواجه الملفات المتشعبة للحكومات السابقة | خالد هدوي | صحيفة العرب

  • 9/23/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تراهن حكومة هشام المشيشي على تجاوز جملة من التحديات الجسيمة التي تتطلب حلولا عاجلة حيث تعمل الحكومة على حلحلتها في خطوة لإعادة منسوب الثقة المهتز بينها وبين التونسيين. ويجد المشيشي نفسه في وضعية لا يحسد عليها بين ضرورة تجاوز العقبات المحاطة بالمطالب الشعبية وحتمية عودة النشاط في مواقع الإنتاج الحيوية. تونس – لا يزال التونسيون ينتظرون أولى خطوات الحكومة من أجل تحقيق بوادر انفراج للأزمة التي تعيشها البلاد على جميع المستويات وخصوصا منها الاقتصادية والاجتماعية، في ظل البداية الجيدة مع الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) الذي يدرك دقة المرحلة. وتطرح صعوبة التحديات التساؤل حول حقيقة وجود الإرادة السياسية للإصلاح وإمكانية نجاح المشيشي وفريقه الحكومي في حلحلة أزمة مواقع الإنتاج (النفط والفوسفات) التي تشهد شللا تاما بسبب الغضب الشعبي، علاوة على كونها تحديات متراكمة عجزت عن معالجتها الحكومات المتعاقبة. وندّدت النقابات الأساسية لأعوان وإطارات المجمع الكيميائي التونسي بولاية (محافظة) قابس (جنوب) في بيان أصدرته الاثنين، بما اعتبرته ممارسات لا مسؤولة للإدارة الجهوية للمجمع الكيميائي التونسي والتي ساهمت حسبما جاء في نص هذا البيان في تعكير المناخ الاجتماعي داخل المؤسسة. منذر ثابت: المشيشي على مسار صعب لكنه مؤهل للنجاح منذر ثابت: المشيشي على مسار صعب لكنه مؤهل للنجاح وقررت هذه النقابات مواصلة الوقفات الاحتجاجية وإيقاف تصدير منتوجات المعامل بقابس إلى حين تحديد موعد لجلسة عمل جهوية تلبّي كافة مطالب العمال المتمثلة في الإسراع بالانتدابات الجهوية وصرف منحة تحسين الإنتاجية في الإبّان وتحسين الضارب الشهري الخاص بجهة قابس ومراجعة ضارب يراعي خصوصية الجهة في آخر السنة، ومدّ النقابات بالهيكل التنظيمي لجهة قابس والتسريع بتنفيذ المشاريع المبرمجة والمعطّلة. وأعلنت هذه النقابات في بيان لها صدر عقب اجتماع انعقد في 19 سبتمبر الحالي بحضور الفرع الجامعي للنفط والمواد الكيميائية وتحت إشراف الاتحاد الجهوي للشغل بقابس عن استعدادها في صورة عدم التجاوب الإيجابي مع مطالبها للدفاع عن مكاسبها بكل الأشكال النضالية المشروعة بما فيها الإضراب مع توقيف الإنتاج وذلك بالتنسيق مع هياكلها الجهوية. وتبدو مهمة المشيشي وفريقه الحكومي عسيرة نوعا ما، في ظل تفاقم الأزمات وتوقف نشاط محركات الاقتصاد بأبرز مواقع الإنتاج الطاقي على غرار أزمة النفط بالكامور (جنوب) وأزمة الفوسفات بمناجم قفصة جنوب غربي البلاد. وعلى الرغم من أن الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، أبدى ليونة في أول جلسة تفاوضية مع حكومة هشام المشيشي، لتجنب التصعيد أو التصادم فإن هذا المعطى لا يشفع لحكومة المشيشي بأن تنكب سريعا على معالجة الأوضاع التي تنذر بانفجار اجتماعي. وتعتبر هذه الملفات العالقة بمثابة تركة موروثة من 9 حكومات متعاقبة منذ 2011، ما يصعب دور حكومة المشيشي التي ستقود “المعركة”، ويطرح مدى قدرتها على حلها وحيدة أم أنها ستستنجد بسند سياسي واسع من الأحزاب والمجتمع المدني والمنظمات الوطنية الفاعلة. وأفاد المحلل السياسي منذر ثابت أن “حكومة المشيشي ستكون حكومة إيقاف النزيف والحد من تفاقم الاحتقان الاجتماعي بإنعاش الاستثمار وخفض الجباية وخاصة المراهنة على المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهذا يحتاج إلى تمويل ميزانية الدولة للوصول إلى نتائج”. وأضاف ثابت في تصريح لـ”العرب”، إن “المسألة بالنسبة إلى المشيشي على المدى المنظور تتصل بإيقاف نزيف المرفق العام والشروع في دراسة الأوضاع المالية المتداعية للمؤسسات العمومية كشركة الخطوط التونسية ووكالة التبغ والوقيد وشركة الكهرباء والغاز”. ولفت إلى “التعاطي الإيجابي للمشيشي مع الوضع السياسي والتعامل الذكي ببعث رسائل تؤكد على كونه يؤدي دورا مستقلا وتوافقي بين مختلف أطراف المعادلة الاقتصادية والاجتماعية ومكونات المشهد السياسي وخصوصا البرلمان. وقال ثابت “إلى حد الآن الرجل تواصل دون تمييز بين مختلف الكتل البرلمانية، ونأى بنفسه عن الخلافات والتجاذبات. والتعيينات الأخيرة تؤكد أن الرجل في مرحلة إنقاذ بعيدا عن ثنائيات الثورة والثورة المضادة. وهذا من شأنه أن يمكنه من كسب دعم الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية كالاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. ويمكن القول إن المشيشي على مسار صعب لكنه مؤهل للنجاح”. خالد الكريشي: على المشيشي أن يتبع الحوار والتفاوض في معالجة الملفات خالد الكريشي: على المشيشي أن يتبع الحوار والتفاوض في معالجة الملفات والاثنين، أعلنت الحكومة التونسيّة تعيين المحافظ السابق للبنك المركزي توفيق بكار، والمستشار السابق المنجي صفرة ضمن الفريق الاستشاري للمشيشي. وفي خطوة عملية لتفعيل الدور الجهوي للولاة أكد هشام المشيشي خلال انعقاد ندوة الولاة على أهمية التنسيق لتحقيق توجهات الحكومة وأولوياتها وإبراز دقة المرحلة القادمة ومتطلباتها. وتحظى حكومة المشيشي بسند سياسي يتكون من 134 نائبا صوتوا له، ما يمثل ضمانة في رأي البعض لتمرير قوانين تجنب البلاد عدة أزمات. وتربط الأوساط السياسية نجاح العمل الحكومي بتوفير المناخ السياسي الهادئ الذي يبدو صعب المنال، في ظل الصراعات والمشاحنات القائمة خصوصا بين مؤسستي الرئاسة والبرلمان. وقال النائب بالبرلمان عن حركة الشعب خالد الكريشي لـ”العرب”، “لا بد من توفر مساندة سياسية لحكومة المشيشي، وتوسيع الحزام السياسي الذي يضمن لها تمرير مشاريع القوانين في البرلمان”. وأضاف الكريشي “أصبحت الهدنة الاجتماعية ضرورية أكثر من أي وقت مضى، فضلا عن إيجاد مناخ سياسي مناسب يسمح بتناول الملفات الحارقة ومعالجتها”. كما أشار الكريشي “إلى ضرورة أن يتوجه المشيشي وفريقه الحكومي إلى الكامور ومناجم الفوسفات والجلوس إلى طاولة الحوار مع المعتصمين، علاوة عن إشراك كل الأطراف الفاعلة وفي مقدمتها المنظمات الوطنية”. وباتت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية تؤرق التونسيين، في ظل غياب الإرادة السياسية الفاعلة لمعالجتها جراء تكرار نفس الخطاب السياسي السابق الذي تلتجئ إليه الحكومات المتعاقبة كلما اقتضت الضرورة ذلك.

مشاركة :