استفاق التونسيون، الأحد، على عملية إرهابية غادرة استهدفت الحرس الوطني في مدينة سوسة الساحلية، ما أثار تساؤلات عن دلالات توقيت هذه العملية ورمزيتها، حيث استهدفت المدينة التي يتحدّر منها وزير الداخلية الجديد. كما أنها تأتي في وقت تشهد فيه تونس أزمة سياسية عاصفة. تونس - أعلنت وزارة الداخلية التونسية، الأحد، مقتل أحد رجال الحرس الوطني والقضاء على ثلاثة عناصر إرهابية وذلك بعد عملية طعن استهدفت دورية تتمركز في مدينة سوسة الساحلية في عملية تدفع نحو التساؤل عن الأطراف المستفيدة من ذلك، خاصة أنها تتزامن مع أزمة سياسية تعيش على وقعها البلاد في ظل صراع علني بين الرئيس قيس سعيّد وحركة النهضة الإسلامية. وتأتي هذه الحادثة بعد أيام من تزكية الحكومة الجديدة التي يرأسها هشام المشيشي والتي ضمت وزيرا للداخلية، وهو المحامي توفيق شرف الدين، مقرّبا من قيس سعيّد وأصيل مدينة سوسة التي شهدت العملية. مصطفى بن أحمد: التنديد لا ينفع، أين تنفيذ الأحكام على زبانية الإرهاب مصطفى بن أحمد: التنديد لا ينفع، أين تنفيذ الأحكام على زبانية الإرهاب وأعلن المتحدث باسم الحرس الوطني التونسي حسام الدين الجبابلي، أن عنصراً من الحرس الوطني قُتل الأحد في اعتداء “إرهابي” في مدينة سوسة السياحية شرق تونس. وقال الجبابلي إن “دورية أمنية تضم اثنين من رجال الحرس الوطني تعرّضت للاعتداء بسكين في وسط مدينة سوسة من طرف إرهابيين”، مضيفاً أن “واحدا منهما استُشهد والثاني مصاب بجروح وهو في المستشفى”. ومن جانبها قالت إيمان بن حميدة، المتحدثة باسم محكمة سوسة، إن أربعة أشخاص كانوا على متن سيارة رباعية الدفع شاركوا في الهجوم على دورية أمنية في مفترق طرق بمنطقة أكّودة، وتمكنوا من توجيه عدة طعنات لإثنين من عناصر الحرس الوطني. وتباينت ردود الفعل فور وقوع الحادثة، حيث ندد عدد من السياسيين بها، فيما طالب آخرون بالتسريع بإجراء محاكمات لعناصر إرهابية جرى توقيفها منذ سنوات. وقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي إن ’’المجموعات الإرهابية، الجراثيم، أرادت من خلال هذه العملية توجيه رسائل مفادها أنّها موجودة، لكنها أخطأت العنوان هذه المرة، وخير دليل على ذلك القضاء على منفذي العملية في بضع دقائق‘‘. وأضاف المشيشي من موقع العملية في مدينة سوسة ’’على الجراثيم أن تخاف من التونسيين الذين لا يجب أن يخشوها لأنّ هناك أسودا تحمي الوطن‘‘. من جانبه، وصف الرئيس قيس سعيّد منفذي العملية الإرهابية ”بالمجانين الذين لا يفقهون أي شيء”. وتابع من مكان الاعتداء ”من أوعزوا لهم القيام بهذه العملية يجب عليهم تحمل المسؤولية، وسيتحملونها أمام الله والشعب وأمام التاريخ”. وربط مراقبون بين الحادثة الإرهابية واستمرار تكديس تركيا للمرتزقة السوريين والعرب في ليبيا، حيث قال وليد اللوقيني وهو قاض وناطق سابق باسم وزارة الداخلية ’’واضح أن للعملية الإرهابية غايات ودلالات سياسية لتزيد من إرباك المشهد السياسي في تونس.. يجب أن نأخذ في عين الاعتبار كذلك أنها استهدفت مدينة وزير الداخلية، لذلك يبدو أن الإرهابيين بعثوا برسائل مفادها أنهم يسعون إلى إرباك العمل الأمني وجهود القضاء على الإرهاب‘‘. Thumbnail وأضاف اللوقيني في تصريح لـ”العرب” أنه ’’في نهاية الأمر، عندما نتابع الوضع الإقليمي نرى استفادة الجماعات الإرهابية منه‘‘. ويوضح ’’هناك ما لا يقل عن 800 إرهابي تونسي في ليبيا.. اليوم أصبحت منطقة شمال أفريقيا قاعدة عمليات للإرهاب.. وتونس هدف لرعاة الإرهاب من أجل إرباك المسار السياسي‘‘ في إشارة إلى المرتزقة الذين نقلتهم تركيا إلى ليبيا ومن بينهم إرهابيون تونسيون. ولم تتبنّ، حتى الآن، أي جهة العملية الإرهابية، غير أن متابعين وخبراء ذهبوا نحو أن خلية الفرقان التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في وقت سابق قد تكون وراء الاعتداء، خاصة وأنها هي التي انحسرت هجماتها خلال السنوات الأخيرة في سوسة التي تعد وجهة سياحية مهمة في تونس. وفي تصريحه لـ”العرب”، يقول اللوقيني ’’نحن نقول إن الإرهاب تم تقليم أظافره، لكن في كل مرة نستفيق على ضربة إرهابية. واليوم، بات الإرهابيون ينفذون هجماتهم بأوجه مكشوفة.. على كل القوى تبني موقف موحد وواضح تجاه هذه العمليات‘‘. وليد اللوقيني: تونس هدف لرعاة الإرهاب بشمال أفريقيا لإرباك المسار السياسي وليد اللوقيني: تونس هدف لرعاة الإرهاب بشمال أفريقيا لإرباك المسار السياسي ويضيف اللوقيني ’’الإرهاب أصبح يضرب بوجوه عارية.. المرحلة المقبلة ستكون صعبة.. لا بدّ للقوى الحية والمجتمع المدني أن يتجندوا في مواجهة الإرهاب‘‘. ومن جهة أخرى، أعادت هذه العملية التي تزامنت مع أزمة سياسية حادة تعيش على وقعها تونس وسط صراع بين حركة النهضة الإسلامية والرئيس قيس سعيّد، إلى الواجهة مطالبات بمحاكمة إرهابيين جرى توقيفهم في وقت سابق. وقال النائب البرلماني عن حركة تحيا تونس، مصطفى بن أحمد ’’التنديد والتهديد والوعيد لا ينفع اليوم في شيء، أين المحاكمات وتنفيذ الأحكام على زبانية الإرهاب وأذنابهم؟‘‘. ومن جهته قال اللوقيني ’’اليوم هناك خطّان في تونس، خط وطني يمثله رئيس الجمهورية وهو يدافع عن وحدة التراب التونسي والمصالح العليا للوطن ومدنية الدولة، وهناك خطوط أخرى لديها مصالح أخرى براغماتية.. لا بد أن يتفرغ الجميع لمجابهة الإرهاب‘‘. وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية خانقة بعد خروج الصراع بين الرئيس قيس سعيّد ورئيس البرلمان وحركة النهضة راشد الغنوشي إلى العلن مؤخرا. وترجمت تصريحات قيس سعيّد الأخيرة الأزمة التي باتت تشهدها البلاد، حيث أكد مرارا أن ’’هناك من يتآمر على أمن البلاد والتونسيين‘‘ وحتى من يستهدفه من قبل أطراف لم يسمها. والأحد، قال سعيّد ’’العمليات الإرهابية والإجرامية لن تربك التونسيين والتونسيات ولن تسقط الدولة.. ومن كان يرتب من خلال هذه العمليات لأوضاع سياسية فهو واهم، لأن الشعب لم تعد تخفى عليه خافية‘‘. ويرى مراقبون أن الرئيس ألمح من خلال تصريحاته إلى إمكانية أن تكون أطراف سياسية وراء العملية الإرهابية، إما لزيادة إرباك المشهد السياسي أو الذهاب في تفاهمات تنهي حالة الاحتقان، ولمَ لا التوافق بينه وبين حركة النهضة وحلفائها.
مشاركة :