التحالف الهجين بين قلب تونس والإسلاميين ضرورة أم اختيار | خالد هدوي | صحيفة العرب

  • 9/7/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يثير تحالف حزب ائتلاف الكرامة الإسلامي مع حزب قلب تونس ذي الميول الليبرالية، جدلا واسعا في الأوساط السياسية التونسية، وأجمعت معظم المواقف حول “خطورة” التحالف وتداعياته، في حين اعتبره الكثير من المراقبين ضربا للدولة المدنية ومؤسساتها ومسارها الديمقراطي، فضلا عن خطر تيار الإسلام السياسي، المنافي لحداثة الدولة، والذي دأبت الأحزاب الإسلامية على ترسيخه وفي مقدمتها حركة النهضة. تونس- تتخوف أطراف سياسية تونسية من تداعيات تحالف حزبي ائتلاف الكرامة المحسوب على تيار الإسلام السياسي وحزب قلب تونس الليبرالي، بالنظر إلى اختلاف توجهيهما الأيديولوجيين، ما يقوي شوكة الأحزاب الإسلامية، ويضعف آمال استكمال بناء الدولة الحديثة التي تقطع مع تصورات الإسلاميين. وفي خطوة فاجأت المتابعين للسجال السياسي في تونس، أعلن رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف السبت الماضي عن تحالف جديد لحزبه مع حزب نبيل القروي، قائلا “بعد الخذلان الذي تلقيناه من التيار والشعب.. مد لنا حزب قلب تونس في المقابل يديه”. وأضاف مخلوف في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، ”مدحنا التيار والشعب شهورا طويلة من أجل استرجاع بريق الثورة، فقابلونا بالاحتقار والتعالي والازدراء، وتفننوا في وصمنا بأبشع النعوت.. بل وشاركوا في كل المؤامرات والكمائن التي نصبها مرضى المنظومة البائدة.. ورضوا أن يكونوا وقودا وحطبا لحروبهم”. وأكد القيادي بائتلاف الكرامة ”نعم أيادينا ممدودة لكل من يرغب بصدق في بناء تونس الحرة.. وسنبقى سدا منيعا في وجه كل من يحن لعودة ثقافة الحقد والاستبداد والتخلف”. وتابع يقول ”هذا نهجنا وهذا موقفنا، خطأ يحتمل أمام قيمة التحديات كثيرا من الصواب، ومن يخالفنا فهو حر ولكن على ألا يظهر نفسه بطلا، وموقفه محترم وصواب يحتمل أيضا كثيرا كثيرا من فرص الخطإ”. وتأتي هذه التطورات لتزرع الإرباك في المشهد السياسي المنقسم أصلا، ولتشق حزب ائتلاف الكرامة، بإعلان النائب الصحبي سمارة عن استقالته من كتلة ائتلاف الكرامة بالبرلمان، وفق ما جاء في تدوينة على صفحته الخاصة بفيسبوك. خطوة مدمرة عبدالعزيز القطي: التحالف هشّ ولن يدوم وهو يخدم بالوكالة أجندات النهضة عبدالعزيز القطي: التحالف هشّ ولن يدوم وهو يخدم بالوكالة أجندات النهضة يرى مراقبون سياسيون أن تحالف ائتلاف سيف الدين مخلوف مع قلب تونس، سيؤدي إلى نتائج وخيمة لطالما حذرت منها القوى المدنية والسياسية لتحصين مؤسسات الدولة من “توظيف التوجه الإسلامي” وضمان استمراريتها بعيدا عن المصلحية المقيتة. وتفسّر شخصيات سياسية هذا التحالف برعاية أطراف خارجية هيأت الأسباب وعبّدت الأرضية لإنشائه مسبقا. وأفاد الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي بأن “التحالف سيؤدي بالأساس إلى سقوط الدولة التونسية، وهو تحالف في الإرهاب والفساد برعاية قوى خارجية كانت لها إرادة قوية منذ أشهر لتأسيسه بشكل علني بين حركة النهضة والفصيل الذي يتبعها وهو ائتلاف الكرامة والحزب الأكثر فسادا في تونس وهو قلب تونس”. وقال حمدي في تصريح لـ”العرب” إن “من مصلحة هذه الأطراف الخارجية والإقليمية (لم يسمها) أن تؤسس للفساد، وهناك الكثير من الأحزاب إما تواطأت أو هي شريكة فيه”. وتابع “هذا التحالف سيجرّ تونس نحو كارثة حقيقية، سيتمكنون من الدولة بشكل بشع وهو ما سيؤدي إلى انهيار وتدهور الاقتصاد، فضلا عن مواجهة بين هذه المنظومة والشعب التونسي، وعلى القوى الوطنية أن تستعد لذلك”. واعتبر أن انتخابات 2019 “لم تفرز سوى مشهد بائس تحكمه الشعبوية والفساد”. ومن شأن هذا التحالف الجديد بما هو تحالف القوى المدنية مع الإسلاميين أن يساعد على تغليب مصالح طرف دون سواه باعتباره يقوي شوكة الأحزاب الإسلامية ويضعف آمال استكمال بناء الدولة الحديثة. ويرى الناشط السياسي فريد العليبي أن “ائتلاف الكرامة متهم بالتطرف الإسلامي ونشر خطاب تكفيري وتمجيد التزمت والتعصب، وهو يجد في التحالفات مع قلب تونس المقبول دوليا باعتباره ليبراليا طوق نجاة، مما يمكنه بدوره من المقبولية دوليا بالادعاء بأنه يعمل في اتفاق تام مع الأحزاب الليبرالية ولا علاقة له بالإرهاب التكفيري”. وأوضح العليبي في تصريح لـ”العرب” أن الهدف من هذا التحالف مواجهة رئاسة الجمهورية واتحاد الشغل والقوى اليسارية وسوف تكون له تداعياته من جهة الدفع بالمزيد من الاستقطاب في الساحة السياسية التونسية. وحول إمكانية توسع هذا التحالف ليشمل أطرافا أخرى، قال الناشط السياسي إن “من المرجح توسعه في حال نجاحه لكي يشمل قوى يمينية تفرض عليها المصلحة السياسية الاتحاد حتى لا تفقد موقعها في البرلمان المهدد بالحل”. وتابع “الإعلان عن التحالف الآن القصد منه الاستعداد لمواجهة مرتقبة مع رئيس الجمهورية قيس سعيّد وحلفائه”. حتمية الفشل الإعلان عن التحالف الآن القصد منه الاستعداد لمواجهة مرتقبة مع الرئيس قيس سعيّد الإعلان عن التحالف الآن القصد منه الاستعداد لمواجهة مرتقبة مع الرئيس قيس سعيّد بالتوازي مع الأحزاب المتحالفة ضمن الحكومة المستقيلة لإلياس الفخفاخ، تشكل تحالف برلماني مخالف تماما للتحالف الحكومي وجمع حركة النهضة وائتلاف الكرامة (الإسلاميين) وقلب تونس (ليبرالي). وأثار التحالف (المعلن – الخفي) ردود أفعال كبيرة، حيث بنت النهضة تحالفا برلمانيا قائما على التنسيق والعمل المشترك مع “خصمها” القديم حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة. ووصف المحلل السياسي عبدالعزيز القطي التحالف بـ”الهجين”، وقال إنه “تحالف بين أطراف غير متجانسة وغير متناسقة فرضته نتائج الانتخابات الأخيرة”. وأضاف القطي في تصريح لـ”العرب”، “تحالف هشّ ولن يدوم ولن يكون في خدمة العباد والبلاد، هو تحالف يساعد حركة النهضة بالأساس لتجاوز مشاكلها، ويخدم بالوكالة أجنداتها الخارجية”. وأشار القيادي السابق بحزب حركة نداء تونس إلى “أن كل التحالفات مع الأحزاب الإسلامية وأبرزها حركة النهضة كانت فاشلة ولم تفلح في حل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، بل بنت أزمات متتالية، وهي تعتمد أساسا على الزبونية والمصلحية واستغلال بعض الأطراف في خدمة مصالحها وتمكنها من الدولة”. التحالف مع من كان يتهمه مخلوف بالأمس بالفساد وتكريس منظومة الاستبداد، يهدف إلى تقوية حزام النهضة ضد كل خصومها وخاصة الرئيس التونسي قيس سعيد وعرفت تونس تحالفات سابقة قادتها حركة النهضة، التي تعد واجهة الإسلاميين، سرعان ما أدت إلى تفجير الأحزاب المدنية (أبرزها نداء تونس) من الداخل وإضعاف تمثيليتها في المشهد، فضلا عن ضرب مقومات الدولة الحديثة الساعية لتكريس قيم الديمقراطية والتعايش السلمي وقبول الاختلاف. وتأسس حزب نداء تونس في صائفة 2012 بقيادة الباجي قائد السبسي لمواجهة الإسلاميين الذين كانوا يهيمنون على المشهد آنذاك مستلهما مرجعيته من المشروع الوطني العلماني الذي قادته دولة الاستقلال التي تأسست العام 1956 بزعامة الحبيب بورقيبة. ونجح الحزب خلال انتخابات 2014 في قطع طريق الحكم أمام النهضة بعد أن فاز بالأغلبية البرلمانية ومؤسسه برئاسة الجمهورية، إلا أن التيارين، اللذين احتلا المرتبتين الأولى والثانية على التوالي في الانتخابات التشريعية انتقلا من المواجهة المفترضة إلى التعايش داخل تحالف حكومي برئاسة رئيس الوزراء يوسف الشاهد. وعصفت بالنداء أزمة داخلية حادة بسبب اختلافات بين شق قائد السبسي حليف النهضة وشق محسن مرزوق الذي يرفض التقارب معها. وقادت الأزمة إلى “القطيعة” بين الشقّين وإلى فقدان النداء لأغلبيته البرلمانية لفائدة النهضة نتيجة استقالة 22 نائبا احتجاجا على هيمنة حافظ قائد السبسي على قيادة الحزب وفرض مسار غير ديمقراطي. وشدّد خصوم الحركة على أنها تسعى إلى التموقع من جديد ضمن الحكم مستفيدة من تشظي نداء تونس وتشتت المعارضة اليسارية خاصة بعد أن باتت تتصدر قائمة الكتل الانتخابية تحت قبة البرلمان. الاستئناس بالتجارب النهضة تحالفا برلمانيا قائما على التنسيق والعمل المشترك مع “خصمها” القديم حزب قلب تونس النهضة تحالفا برلمانيا قائما على التنسيق والعمل المشترك مع “خصمها” القديم حزب قلب تونس بينما نجحت دول عربية على غرار دولة السودان في إرساء مبدأ الفصل بين الدين والدولة، والتأسيس لقطيعة واضحة بين التوجهات الدينية والحياة السياسية، لم تفلح القوى المدنية والحدثية في تونس في تخليص مؤسسات الدولة من طابع جعلها إسلامية وهو ما كرسته حركة النهضة على امتداد 10 سنوات في السلطة. وعلى الرغم من تقاطع التوجهات والانتماءات، فإن دواليب السياسة بإكراهاتها وتنازلاتها فرضت خروج هذا التحالف إلى النور بعد أن تعهّدت حركة النهضة، ومن ورائها ائتلاف الكرامة، بعدم وضع يدها في ما تسميه أحزاب الفساد التي تعرقل أهداف المسار الثوري. ويرى مراقبون أن التحالف مع من كان يتهمه مخلوف بالأمس بالفساد وتكريس منظومة الاستبداد، يهدف إلى تقوية حزام النهضة ضد كل خصومها وخاصة الرئيس التونسي قيس سعيد الذي كثيرا ما دعته القوى السياسية إلى تغيير النظام الانتخابي. وقال القطي في حديثه “يجب تغيير النظام الانتخابي.. التحالف مصلحي والأطراف المدنية والحداثية لا يمكن أن تتحالف مع النهضة والإسلاميين لحماية الدولة من الأسلمة”. وعرف المشهد البرلماني خلال الفترة الأخيرة تحالفا بين النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، ما خلق أزمة بين الحكومة والبرلمان وأيضا بين مكونات الحكومة، واتهمت النهضة بتشكيل تحالف مواز مكنها من التحكم في مكتب المجلس بفضل الأغلبية التي بات رئيسها ورئيس البرلمان راشد الغنوشي يتمتع بها وجعلته لا يتوانى حتى عن خرق القانون والنظام الداخلي للمجلس.

مشاركة :