المؤسسة الأمنية في وطننا نجحت - ولله الحمد - في الـحَــدّ من العمليات الإرهابية، بضَـربات استباقية ناجحة فْـتَّــتتْ خلاياها النائمة في الزوايا المظلمة. أما في الجانبين الفكري والإعلامي فالمتابع لنبض مجتمعنا خلال السنوات الماضية سيرصد صوتاً مكرراً يُـلْـقِـي باللائمة (دائماً) على ما يحدث في ساحتنا الوطنية على طَــرف ثالث (مجهول)!! فمع بدايات هَـبّـات رياح الأفكار المنحرفة والمتطرفة التي تَـلَـبّـسَــتْ بطائفة من شباب وطننا ارتفع الصّــوت القائل بأنهم (شباب مُـغَــرّرٌ بهم) من (طَـرفٍ ما). بعدها تواصلت موجات ذلك الفكر، ومع كلّ واحدة منها أو حادثة إرهابية تقع جَـرّاءها وبسببها، يكتوي الوطن الآمِــن بنيرانها يأتي التبرير الجاهز للفَـاعِـلِــيــن (مُـغَـرّر بهم)!! (ناشئة) مِــن بـلــدنا الـطّـيب يذهبون إلى مناطق الصــراع في العَـالَـم وهم يحملون أكفانهم، يموتون هناك أو يـعــودون وقوداً وسلاحاً يحرق وطنهم؛ (أيضاً هم مغَــرّر بهم)!! سنوات وما زلنا ندور في الفلك نفسه، ومع كل حادثة أو قائمة تصدرها وزارة الداخلية لمجموعة من الإرهابيين - كما فَــعَــلت مشكورة قبل أيام - ترتفع الأصوات ذاتها تعزف على ذلك الـوتَــر المكرور (مُــغَــرّرٌ بهم) حتى وصل الأمر ببعض المثقفين أن يطالبوا بإغلاق نوافذ مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة! عشرات بل مئات المؤتمرات والندوات والمحاضرات والـدراسات، وذلك (الطرف الثالث) الذي يزرع الفِـتــن الفكرية في بلادنا، وينشر العصبيات الطائفية والقبلية لايزال مجهولاً، لم يتم الكشف بَـعْــدُ عن قدراته الخارقة التي بها يستطيع (هكذا ببساطة وسهولة) هَـدْمَ الثوابت الدينية والقيم الإنسانية التي غُــرِست في نفوس شبابنا عبر المؤسسات التربوية الأصيلة (الأُســرة والمدرسة والمسجد والجامعة)، ومن ثَــمّ السيطرة على عقولهم وقلوبهم وممارساتهم كيف يشاء، متى شاء!! صدقوني إذا أردنا محاصرة (التيار الضَــال المنحرف) فكرياً؛ فعلينا أن نبتعد عن تحميل المسئولية لغيرنا أو لذلك الطّــرف الخفي، والاعتراف بأنّ الخلل منا وفينا، وأن (لا أحَــد مُـغَــرّرٌ به)! والبحث الجَــادّ عن العوامل الحقيقية التي تجعل أبناءنا (أعني بعضهم) يحيدون عن فِـطَــرِهــم السليمة، ومنهجهم الإسلامي الوسطي، ويلبسون جلابيب الغلو والتطرف، إذا أردنا النجاح في هذا الميدان فعلينا جميعاً أن نكون (فِـعْـلاً) يبادر، ويعترف ويصنع، وليس (رَدّة فِـعْــلٍ) ومجرد صَــدى لما يحدث، لا دور له إلا التنديد واجترار نظرية المؤامرة وهو يتلقى اللكمات والـصّـدمات؛ ويبقى سؤال يحيرني: مَــن هُــو الـمُـغَــرّرُ به؟! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :