تأليف حكومة لبنانية جديدة لا يزال يدور في حلقة مفرغة، وسط مخاوف من تكرار سيناريو تشكيل الحكومات السابقة التي ظلت لأسابيع وأشهر قبل أن ترى النور، فيما وضع البلد اليوم لا يحتمل حالة اللااستقرار الحكومي. بيروت - لم يعد يفصل عن المهلة التي حددتها فرنسا للانتهاء من تشكيل حكومة لبنانية جديدة سوى أيام قليلة، فيما لم تتضح بعد الرؤية حول طبيعتها وتركيبتها. واجتمع رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب ظهر الثلاثاء بالرئيس ميشال عون في قصر بعبدا، لطرح تصوره، وسط حديث عن ضغوط يتعرض لها لتشكيل حكومة موسعة يتحفظ عليها أديب. وعلى خلاف الأيام الماضية بدا رئيس الوزراء المكلف متشائما عقب خروجه من اجتماع بعبدا، واكتفى بالقول للصحافيين “نحن في مرحلة التشاور مع الرئيس عون وإن شاء الله خير”. وقالت دوائر سياسية إن اللقاء بحث جملة من النقاط الخلافية من بينها عدد الوزراء في الحكومة المقبلة حيث يتمسك أديب بضرورة ألا يتجاوز العدد 14 وزيرا فيما يصر رئيس الجمهورية وفريقه السياسي على 24 وزيرا. وأشارت الدوائر إلى أن أديب سبق والتقى ممثلي الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) أي الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي في حزب الله حسين الخليل، وطلب الثنائي من أديب أن يتخلى عن فكرة حكومة مصغرة بذريعة أن ذلك سيؤدي إلى حصول كلّ وزير على حقيبتين وأكثر، وهو ما يطرح إشكالا كبيرا على مستوى التمثيل الحكومي. عبداللطيف دريان: أدعو اللبنانيين إلى الوعي والحكمة وعدم الانجرار وراء الفتن عبداللطيف دريان: أدعو اللبنانيين إلى الوعي والحكمة وعدم الانجرار وراء الفتن ولفتت الدوائر إلى أن لقاء أديب وعون لم يحسم هذه النقطة الخلافية، وكذلك الشأن بالنسبة لطبيعة الحكومة، فرئيس الوزراء المكلف يتبنى خيار تشكيل حكومة من اختصاصيين مستقلين وهذا الأمر يرفضه عون والتيار الوطني الحر وحزب الله حيث يتمسكون بحكومة على شاكلة حكومة تصريف الأعمال الحالية، أي مؤلفة من تكنوقراط تسميهم القوى السياسية. ويخشى من أن تؤدي هذه الخلافات إلى تكرار سيناريو تشكيل الحكومات السابقة التي ظلت لأسابيع وأشهر قبل أن ترى النور. ومن المفترض أن تتشكل حكومة لبنان الجديدة بداية الأسبوع المقبل بحسب الخارطة السياسية التي طرحتها فرنسا، وأن يكون لرئيس الوزراء المكلف اليد الطولى في تأليفها وهو من المفروض ما جرى التوافق بشأنه بين القوى السياسية اللبنانية والرئيس إيمانويل ماكرون. وتهدف خارطة الطريق الفرنسية إلى فتح الطريق أمام لبنان المثقل بشدة بالديون لتلقي مليارات الدولارات من المساعدات الضرورية كي يقف على قدميه مجددا. ولم يحصل لبنان على شيء من المساعدات التي تم التعهد بها لأول مرة في مؤتمر دولي في 2018، لأن الحكومات السابقة لم تنفذ قط الإصلاحات الموعودة. ويستدعي الأمر من رئيس الوزراء المكلف أن يكون جاهزا بالتشكيل الحكومي بحلول أوائل الأسبوع المقبل كي يظل على المسار المطلوب، لكن لا تبدو الأمور تتجه نحو الهدف المنشود. وقال النائب قاسم هاشم عضو كتلة “التنمية والتحرير”، التابعة لحركة أمل الشيعية في وقت سابق “لا شيء في الأفق الحكومي يمكن التحدّث عنه سوى أن الاتصالات والمشاورات مستمرة على كافة المستويات، وأن الرقم المرجّح لعدد الوزراء هو 24 وزيرا، عدا ذلك لا يمكن الجزم بشيء”. ويخشى البعض من اللبنانيين من أن يكون حزب الله وحلفاؤه يستغلون فترة “المسامحة” الأميركية في ظل انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية، لفرض حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب المستقيلة، وهذا الأمر لا يعني فقط تشديد العزلة الدولية على لبنان، بل إن من شأنه أن يعزز حالة اللا استقرار في البلاد. وحذر أكبر زعيم ديني سني في لبنان الثلاثاء من انزلاق البلاد إلى دوامة العنف بعد إطلاق نار دام في بيروت أجج المخاوف من تردي الأوضاع الأمنية على وقع الأزمة الاقتصادية الشديدة. ويُنظر إلى الأزمة الراهنة على أنها أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990. البحث عن خارطة طريق تنهي مشكلات لبنان المتفاقمة شكل الحكومة المقبلة.. نقطة خلافية وقُتل شخص وأصيب اثنان في الاشتباك الذي وقع مساء الاثنين في حي الطريق الجديدة، الذي تقطنه أغلبية سنية في بيروت ويعد أحد معاقل زعيم تيار المستقبل سعد الحريري. وقال الجيش إن مدافع رشاشة وقذائف صاروخية استُخدمت في المواجهة التي قال مصدر عسكري إنها بدأت في شكل نزاع شخصي بين أفراد. واندلعت معركة بالأسلحة النارية في وقت سابق الاثنين في منطقة شمالية بلبنان مما دفع الجيش إلى التدخل. وفي حادثة أخرى في بعلبك بسهل البقاع، لقي رجل حتفه في جريمة قتل بدافع الانتقام، حسبما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام. وقال المصدر العسكري إن هذه الحوادث، إلى جانب أعمال عنف طائفية أخرى وقعت الشهر الماضي، تعكس انهيارا في سلطة الدولة. وأضاف “الرابط هو كسر هيبة الدولة. الرابط إنو ما بقى (لم يبق) في احترام للدولة وهيبتها، عم تكثر الحوادث الفردية بالأمس في الشمال… في بعلبك كمان”. وعقب لقائه بوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، دعا مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان المواطنين إلى “الوعي والحكمة وعدم الانجرار وراء الفتن وأن أي خلاف لا يُحل بالسلاح بل بالحوار والكلمة الطيبة التي تهدئ النفوس وتريح القلوب وتوصل إلى بر الأمان”. وتزداد معاناة لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة، بفعل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الفساد الحكومي وسوء الإدارة على مدى سنوات، مما أدى إلى انهيار العملة وارتفاع معدل البطالة بشدة وسقوط الكثيرين في براثن الفقر. وتفاقمت أزمة لبنان الاقتصادية والاجتماعية بعد انفجار بيروت المدمر في الرابع من أغسطس الماضي والذي أدى إلى مقتل العشرات وتشريد الآلاف، فضلا عما خلفه من دمار كبير في البنية التحتية للعاصمة اللبنانية.
مشاركة :