تونس - تستمر معركة ليّ الذراع بين مكونات التحالف الحاكم في تونس لتبلغ مرحلة التحذير والاتهام المباشر، تغذيها التصريحات النارية بين مختلف أطرافها وخصوصا حركتي النهضة والشعب، وهو ما ينذر بتآكل “الجسم الحكومي” ومواصلة طريقه نحو الانهيار. وحذر النائب عن حركة الشعب هيكل المكي من أن تكون النهضة وراء إثارة ملف تضارب المصالح لدى رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، قائلا “أخشى أن يكون الموضوع مدخلا من النهضة لإخضاع وابتزاز الفخفاخ” مطالبا بالتثبت وبعدم منح الفرصة للإشاعات لإسقاط الحكومة. ودعا المكي في تصريح لإذاعة محلية الفخفاخ إلى “ضرورة تقديم التوضحيات اللازمة والكافية وبالتفصيل للشعب وللبرلمان في هذا الموضوع” معتبرا أنه ليس من الثابت وجود تضارب مصالح. وتطرق المكي إلى ردّ مكتب حركة النهضة بفرنسا على تصريحاته واتهامه بالكذب التي اتهم فيها الحركة بتنظيم وقفة احتجاجية بفرنسا ومحاولة إفساد زيارة الرئيس قيس سعيّد قائلا “حركة النهضة مختصة في الكذب والافتراء والتجني والتكنبين (حياكة الدسائس) ولا يضاهيها أحد في ذلك، وهو اختصاص حصري لتواصل سياساتها”. مضيفا “كلّ المدونين في فرنسا والصحافة في هذا البلد والمجتمع المدني بباريس لديهم شبه إجماع على أن الشخص الذي تهجم على رئيس الدولة ينتمي إلى حركة النهضة”، معتبرا أن “النهضة أعدت مسرحية وأخرجتها بطريقة سيئة”. هيكل المكي: نخشى من مساعي النهضة لإخضاع الفخفاخ هيكل المكي: نخشى من مساعي النهضة لإخضاع الفخفاخ في المقابل، ردّ مكتب حركة النهضة بفرنسا الشمالية، وقال “إن تصريحات المكي التي يتّهم فيها حركة النهضة بمحاولة إفساد زيارة رئيس الجمهورية لباريس، مغرضة”. وأضاف المكتب في بيان أصدره أن ما ذكره المكي هو محض كذب وافتراء وتجن على حركة النهضة التي تعودت على احترام رموز الدولة ومسؤوليها. واعتبر أن التصريحات “تدخل في حملة ممنهجة من التهجّم واختلاق التهم ضد النهضة لتوتير الأجواء والوقيعة بين الأطراف السياسية”. وتسعى الحركة الإسلامية إلى محاولة تصدير أزمتها البرلمانية نحو الحكومة التونسية، وبسط نفوذها على مكونات التحالف، وتصاعدت وتيرة خلافاتها مع حركة الشعب على خلفية تصويت نوابها لصالح عزل راشد الغنوشي من البرلمان. وأجّج تصويت كتلة حركة الشعب وتحيا تونس لصالح عزل راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان خلافاتهما مع حركة النهضة الإسلامية، وسط تصريحات ومشاحنات من الطرفين وصلت حد اشتراط النهضة إقصاء حركة الشعب من الائتلاف الحاكم، وهو ما أثار حفيظة قياديي الشعب بشأن البقاء في التحالف من عدمه. ويبدو أن حركة النهضة، وقياداتها، لن تغفر لحركة الشعب مواقفها، حيث أن ما تشترطه النهضة وتشتغل عليه لإقصاء أحد الشركاء هو رد فعل سياسي يصل حد “الانتقام” خاصة أن حركة الشعب صوتت لعزل الغنوشي من رئاسة البرلمان، فضلا عن مساهمتها في سقوط حكومة الحبيب الجملي التي قدمتها الحركة الإسلامية في نوفمبر من العام الماضي. وسبق أن اعتبر رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني أن ما وقع في البرلمان حدث كبير جدّا، متسائلا كيف لأطراف مشاركة في الحكومة ومع الثورة تصوت مع طرف ضدّ الثورة، مضيفا أن “حركة الشعب والحزب الدستوري الحر ضد ثورة الربيع العربي”، قائلا إنّهما يعتبران “الثورة انقلابا ومؤامرة”. وارتفع منسوب التصريحات اللاذعة من الطرفين، وخرج الخلاف من إطاره الضيق في الائتلاف الحاكم نحو العلن ليأحذ شكل التحذير والاتهام المباشر، فضلا عن إماطة اللثام عن تصدع متنام تقوده النهضة بين مكونات التحالف الحكومي. وتعود أسباب الخلافات بين الطرفين إلى عوامل أيديولوجية بالأساس وأخرى تتعلق بالتباين حول الرؤية المستقبلية لتونس، كالتحالفات الخارجية للأحزاب مع قوى إقليمية، وخصوصا في ليبيا التي تشهد صراعا محتدما. وتتمسك قيادات حركة الشعب على غرار خالد الكريشي برفض مغادرة الحكومة التي تعتبرها أنها شرعت بجدية في الإصلاحات، فضلا عن كونها حكومة الرئيس وليست حكومة النهضة، وهو ما يفرض على الحركة الإسلامية الالتزام والتعامل مع الأحزاب كشركاء في الحكم والقرار السياسي. وفيما ترفض حركة الشعب مسألة إشراك حزب قلب تونس في الحكومة، تتعلّل حركة النهضة في تهجّمها بما حصل في جلسة الثالث من يونيو بالبرلمان في محاولة منها لتوسيع الحزام السياسي للائتلاف الحاكم ليشمل حزب قلب تونس (27 نائبا).
مشاركة :