في الحوار الذي أجرته هذه الصحيفة الغراء مع معالي وزير العدل الدكتور/ وليد الصمعاني (5 يوليو)، زفّ الوزير بشرى توجه القضاء في المملكة إلى اعتماد نموذج يقترب من التقنين (وإن لم يكن كذلك). منطلق هذا الإجراء المندوب هو مدونة الأحكام الصادرة عام 1434هـ في عهد الوزير السابق والمنشورة في 30 مجلداً، وتشمل جميع الأحكام المؤيدة والنهائية. وقال الوزير أن المدونة احتوت أكثر من 100 مصنف شملت القضايا الحقوقية والجزائية والأحوال الشخصية. أما الهدف الكبير فهو ترسيخ (دور القضاء في ترسية مفاهيم العدالة والنزاهة والشفافية). والانطباع العام من حديث الوزير هو أن هذه المدونة أقرب ما تكون إلى كونها معلمة، لكنها ليست ملزمة. ولا بأس في ذلك مرحلياً، لكن المأمول أن يستفيد منها أصحاب الفضيلة القضاة إلى أقصى حد ممكن، بمعنى أن تكون نسبة الملتزمين بها من القضاة عالية جداً، وأن يبرر الآخرون (الذين لا يلتزمون بها كلياً أو جزئياً) أسباب تجنبها، حتى يمكن تطويرها ومراجعتها وتعديلها إضافة وحذفاً وصياغة. وفي نظري أن المدونة هدية قيمة لكل قاضٍ، فهي أولاً تعفيه من مشوار البحث والدراسة واستنباط الأحكام ومراجعة التراث وما إلى ذلك من أدوات القضاء النزيه الباحث عن الحقيقة الساعي لتطبيق العدل بحذافيره ومعاييره الصارمة. مجرد صدور المدونة إنجاز كبير وقفزة رشيدة في ميدان القضاء المنجز. أما الإنجاز الأكبر فهو اطلاع القضاة عليها كل في مجال اختصاصه، وحتى وإن لم يسعه التطبيق لعدم قناعة أو لاختلاف الظروف أو المسببات. الاستئناس بالمدونة وما تضمنته من أحكام (مبني كل منها على 4 أقسام هي موضوع الحكم، والسند الشرعي أو النظامي الذي استند عليه في الحكم، وملخص القضية، ونص الحكم) فيه خير كثير حيث تتسع آفاق القاضي بمجرد اطلاعه على تجارب سابقة وقضايا مشابهة وأحكام نابهة. وأحسب أن سيرورة الحياة ستدفع يوماً ما (وعسى ألاّ يكون بعيداً) إلى إلزام القضاة وأعوان القضاة بما يصدر من مدونات قضائية معتبرة، لتكون في النهاية مسودات أولية لتقنين الأحكام، ثم اعتمادها بعد المراجعة والتحسين والتطوير. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :