بغداد - استفاقت بغداد على جريمة مروعة تمثلت في مقتل الناشطة والصيدلانية العراقية شيلان دارا رؤوف، وعائلتها نحرا داخل منزلهم في حي المنصور وسط بغداد. وهذه ثاني جريمة ترتكب بحق ناشطات عراقيات، كان لهن إسهاما كبيرا في انتفاضة أكتوبر، خلال أقل من أسبوعين وسط اتهامات موجهة إلى المليشيات الشيعية بالوقوف خلفها لترويع النشطاء وتكميم أفواههم. وذكرت وكالة روداوو أن مسلحين يرتدون أقنعة أقدموا، ليلة الثلاثاء، على اقتحام منزل يعود للعائلة الكردية، في منطقة المنصور ببغداد، حيث قاموا بنحر ثلاثة أفراد من العائلة، وحسب الطبيب في الطب العدلي، تم الاعتداء جنسياً على الإبنة إلى جانب بتر أطرافها. وأشارت الوكالة إلى أن الجريمة وقعت عند 11:30 من ليلة الثلاثاء، وأن المسلحين اقتحموا المنزل تحت مسمى "قوة أمنية"، من ثم قاموا بقتل أفراد العائلة. وأثارت الجريمة البشعة ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال الباحث المختص في الشؤون العراقية، الدكتور ضياء الحجازي، في تدوينة على موقع "تويتر" إن واقعة الاغتيال "جريمة يندى لها جبين الانسانية..وقعت في منطقة المنصور بطريقة رعناء وجبانة تمثل خسة ونذالة مرتكبيها" وطالب الباحث في الفلسفة والأديان المقارنة عدنان الستوني، عبر تويتر، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي "بتحقيق عاجل وفوري لهذه الجريمة النكراء بحق عائلة مسكينة". وشيلان دارا هي ناشطة عراقية تخرجت من كلية الصيدلة في 2016، وتعمل بمركز الأورام السرطانية بمدينة الطب، وتنتمي لأسرة كردية، وتولت مهمة الإسعاف خلال المظاهرات غير المسبوقة التي شهدتها أنحاء من العراق لاسيما في الجنوب وبغداد قبل أشهر. ولاقت الحادثة المروعة تفاعلا نشطاء من دول أخرى، وقالت الإعلامية الجزائرية رانيا الأفندي، في تدوينة، أنّ "ما يحدث في العراق يدمي القلب". من جانبها، نعت نقابة الصيادلة العراقيين ونقابة الأطباء، شيلان دارا، عبر تدوينة على موقع فيسبوك. وتعهد نشطاء بالانتقام ومحاسبة قادة هذه الميليشيات وعلى رأسهم زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، مطالبين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتحقيق في هذه الجريمة ومحاسبة الجناة. وقالت نهى سليم الأستاذة الجامعية والناشطة في حقوق الإنسان في تغريدة " بغداد تذبحها مليشيات الحكم الطائفية، خلال أقل من عشر أيام الحالة الثانية من نوعها، العثور على عائلة كاملة أم وأب وإبنة مقتولين داخل منزلهم الذي يقع في بغداد. حسب المصدر الإبنة الصيدلانية شيلان دارا عملت كمسعفة في ساحة التحرير أثناء ثورة أكتوبر". وشهد العراق في أغسطس الماضي، اغتيال الناشطة وخبيرة التغذية العراقية ريهام يعقوب ونشطاء آخرين، مما دفع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى إقالة قائد شرطة البصرة وعدد من مدراء الأمن. وتعهّد الكاظمي في تغريدة على "تويتر" "سنقوم بكل ما يلزم لتضطلع القوى الأمنية بواجباتها". وفسّر متابعون تغريدة رئيس الوزراء بأنها في طياتها تشريحاً لواقع الحال الأليم الذي تعيشه الأجهزة الأمنية وانعكاس ذلك على أمن المدنيين، اذ أكد الكاظمي أن: "التواطؤ مع القتلة أو الخضوع لتهديداتهم مرفوض وسنقوم بكل ما يلزم لتقوم اجهزة وزارة الداخلية والامن بمهمة حماية أمن المجتمع من تهديدات الخارجين على القانون". ويرى مراقبون للشأن العراقي أن جميع الأشخاص الذين تعرضوا لعمليات ومحاولات اغتيال هم من الناشطين في المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها مدن ومحافظات عراقية منذ أكتوبر من العام الماضي، للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية وحل مشاكل البطالة، وتغيير الطبقة الحاكمة بعد أن استشرى الفساد في البلاد وأنهكها طيلة عقود. وارتفعت خلال الشهور الأخيرة، جرائم اغتيال النشطاء العراقيين ، كمحاولة لإحباط محاولات التغيير، وليست المرأة المستهدف الوحيد، حيث سبق وأقدمت مجموعة يعتقد أنها تابعة لكتائب حزب الله على اغتيال الخبير البارز في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي. ويجدد النشطاء العراقيون، الذين يتمسكون بحقهم في عراق مستقلّ وآمن وحرّ، إثر كل عملية اغتيال، مطالبهم الحكومة بالتصدي لجميع عمليات التصفية التي تطال المدافعين عن حقوق الإنسان، ونشطاء المجتمع المدني، إضافة إلى دعوتهم المجتمع الدولي إلى دعم جهود المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق.
مشاركة :