تونس - تجددت الدعوات المطالبة بتوحيد صفوف الأحزاب الوسطية التي تتبنى تصورات وأفكارا تهدف إلى تكريس مدنية الدولة ومناهضة نفوذ الإسلاميين، ويأتي ذلك لجمع شتات العائلة الوسطية وتشظي أطرافها المنقسمة إلى كتل وحزيبات صغيرة تصارع من أجل افتكاك مكان في المشهد السياسي. وتطرح مبادرة رئيسة حزب الأمل سلمى اللومي التوجه نحو تأسيس حركة سياسية جديدة ”تجمع العائلة الوسطية” بعد تشتتها وانقسامها، مدى الذهاب فعليا في فكرة التوحيد وفقا لأسس صحيحة، فضلا عن الأطراف التي ستواجهها الجبهة الجديدة في ظل مشهد سياسي فسيفسائي تتنافس فيه حركة النهضة والحزب الدستوري الحر بزعامة عبير موسي من جهة والرئيس التونسي قيس سعيد صاحب القاعدة الشعبية العريضة من جهة ثانية. وعقد الأحد، اجتماع في مدينة الحمامات التونسية جمع رئيسة حزب الأمل سلمى اللومي والقيادي السابق في حركة نداء تونس رضا بالحاج والسياسي أحمد نجيب الشابي مع عدد من المستشارين البلديين المنتمين إلى حزب النداء وحزب الأمل لتدارس بعث حركة سياسية جديدة قريبا. وأوضحت اللومي في تصريح لإذاعة محلية إن “هذا اللقاء تشاوري في محاولة لجمع العائلة الوسطية وعدد من قدماء المناضلين وعدد من المستشارين البلديين”. خالد عبيد: الفشل في تجميع العائلة الوسطية يخدم مصالح النهضة خالد عبيد: الفشل في تجميع العائلة الوسطية يخدم مصالح النهضة وأفادت أن “التوجه سيكون نحو تأسيس تنسيقية كبيرة تضم شخصيات وطنية تهدف إلى تأسيس حزب واحد يكون عصريا ويتركز على أكاديمية سياسية ومشروع من أجل تونس وينبثق من القاعدة ويرتكز على الجهات”. وعلى الرغم من تواصل شتات الأحزاب الوسطية والمدنية، إلا أن القيادات لم ترم المنديل من أجل غرس بذرة توحيد الصفوف وترميم البنيان المتشظي لأحزاب تحيا تونس، قلب تونس ومشروع تونس. وتتواصل جهود تشكيل حزب وسطي كبير ستكون له القدرة على إحداث توازن بالمشهد السياسي الذي غرق في الصراعات الأيديولوجية بعد تصاعد وتيرة الخلافات بين حزب النهضة (إسلامي) وحزب الدستوري الحر المتزعم للمعارضة (ليبرالي). وأكد المستشار السابق للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي نورالدين بن تيشة “أن المشاورات متقدمة واللقاءات مكثفة. أملا في أن تثمر نتائج في مستوى تطلعات المنتظرين وقادرة على خدمة مصالح الشعب التونسي”. وأضاف بن تيشة في تصريح لـ”العرب”، “أن الوضع السياسي الحالي يفتقد لحزب الدولة القادر على تجميع التونسيين حول فكرة وبرنامج واضح يجمع مختلف أطراف العائلة الوسطية”. يأتي ذلك في ظل وجود مشهد متنوع، إذ تعتبر رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي أن “الوسطيين” قد باعوا ذممهم لحركة النهضة الإسلامية، بهدف تحقيق مكاسب سياسية. من جهته أكد القيادي السابق في حركة نداء تونس رضا بالحاج، أن “الحركة السياسية الجديدة ستستمد جذورها من رصيد الراحل الباجي قايد السبسي ونداء تونس والحركة الوطنية”. وأفاد بالحاج في تصريح إعلامي “أن الحركة السياسية الجديدة التي سيتم تأسيسها ستعيد التوازن للمشهد السياسي وستكون نداء بشكل جديد وليس القديم”. وتابع بالقول “المشهد السياسي في البلاد مختل وبحاجة لحركة وسطية تنتمي إلى الحركة البورقيبية والحركة الوطنية”. نورالدين بن تيشة: نفتقد حاليا لحزب الدولة القادر على تجميع التونسيين نورالدين بن تيشة: نفتقد حاليا لحزب الدولة القادر على تجميع التونسيين وأضاف أن “هذه الحركة ستحافظ على إرث جاء من نداء تونس ولما تركه الفقيد الراحل الباجي قايد السبسي”. وبين أن “هذه الحركة ستجمع 4 أو 5 أحزاب”، لافتا النظر إلى أن “رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق قريب منهم والنقاشات ما زالت متواصلة من أجل تأسيس حزب واحد أو تنسيقية أو حزب عريض”. ووصف المحلل السياسي خالد عبيد، هذه المبادرة وخاصة منها تأسيس حزب وسطي جديد بـ”مبادرة في الوقت الضائع فتونس في حاجة إلى حزب جديد، غير أن الوجوه التي تقف وراءها جربت لسنوات وفشلت ولم تتمكن من اختراق أفئدة التونسيين”. لافتا إلى “أن البعض يذكر جزءا كبيرا من التونسيين بالأزمة التي عاشها حزب حركة نداء تونس والتي أدت إلى نهايته”. وتابع عبيد في تصريح لـ”العرب”، “العبرة ليست في تجميع من لم يتجمع من قبل بقدر البحث عن حلول أخرى لها جدوى”. وفيما يرى بن تيشة أن “الحزب الجديد سيختار لحظة ولادته خطه السياسي، ولا يبحث عن مواجهات معينة في المشهد بقدر بحثه عن تصورات وأفكار توحد الأحزاب الوسطية لتسهيل العمل السياسي”، حذر عبيد من أن “كل حركة من هذه العائلة الوسطية والحداثية والتي تعتبر في نقيض مع حركة النهضة، إذا لم تتجمع ولم تتخل عن صراع الديكة بمنطق الزعامة والريادة، فإن ذلك سيخدم مصالح حركة النهضة آليا لأنها تنتعش من تفتت الصف الآخر”. وتلقت العائلة الوسطية في الانتخابات التشريعية الأخيرة ضربة قاصمة بعد خروج ممثليها من الرئاسية بنتائج ضعيفة، ونجاح الرئيس قيس سعيد وهو من خارج دائرة الحكم التقليدية في اقتلاع الفوز وإحداث رجة بالمشهد السياسي. ويرى مراقبون أن تشتت العائلة الوسطية وعدم التفافها على شخصية بعينها قاد إلى قلب معادلة الحكم في تونس لصالح الرئيس قيس سعيد وحركة النهضة. وكثيرا ما باءت محاولات التجميع السابقة بالفشل، بسبب تباينات في الأفكار سرعان ما دفعتها للانشقاق والتصدع في شكل كتل وحزيبات صغيرة. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :