هل سحبت أديس أبابا بساط أسمرة من القاهرة | | صحيفة العرب

  • 10/15/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - استقبلت القاهرة زيارة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لموقع سد النهضة الإثيوبي، الثلاثاء، بقدر من عدم الارتياح، حيث حملت إشارات سياسية بعدم استبعاد حدوث تغير في موقف أسمرة، التي تعد أقرب للقاهرة من أديس أبابا في أزمة السد. وقالت مصادر مصرية، لـ“العرب”، إن الدبلوماسية المصرية تحاول تحريك الانسداد الحاصل في مفاوضات سد النهضة من خلال حض بعض القوى الإقليمية والدولية لممارسة ضغوط على إثيوبيا لحثها على تليين موقفها، وهو أحد أهم رهاناتها السياسية حاليا، في ظل التعقيدات التي تخيم على الوساطة الأفريقية. وظهرت ملامح عديدة على أن القاهرة تريد توظيف علاقتها الجيدة بأسمرة للضغط على أديس أبابا، وهو ما كشفه التطور الحاصل في العلاقات بين قادتي مصر وإريتريا، حيث استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، أفورقي، في يوليو الماضي، وانصب جزء كبير من المباحثات حول حل أزمة سد النهضة بشكل عادل. وتراهن القاهرة على تطوير منظومة التنسيق مع الدول المجاورة لإثيوبيا عبر توسيع أطر التعاون السياسي والتنموي والعسكري، أملا في تكتيل أوراق ضغط قد تثمر في مواجهتها الممتدة مع إثيوبيا التي ترفض تغيير حساباتها في ملف سد النهضة، والتعامل معه بالطريقة التي تلبي تطلعاتها دون اعتبار لتحفظات مصر والسودان. وانتبهت أديس أبابا لهذا البعد، وأعادت صياغة علاقاتها الإقليمية على أساس توسيع التعاون والشراكات الاقتصادية مع دول المنطقة، وحظيت إريتريا بجانب من هذا الاهتمام، باعتبارها الجارة الأهم، التي ترتبط مع إثيوبيا بتداخلات عرقية قوية. وأكد وزير الري المصري الأسبق محمد نصر علام، أن زيارة أفورقي لسد النهضة مريبة ومثيرة للجدل، لأنها تدعم شرعية السد وتقوي موقف إثيوبيا، والخوف أن تكون أديس أبابا نجحت في استمالة أسمرة إلى جانبها، أو على الأقل تسعى من خلالها إلى دعم موقفها السياسي، وزيادة القوى الداعمة لموقفها. وأضاف لـ“العرب”، أن الزيارة بادرة غير طيبة لمصر في الوقت الراهن، وقد تكون لها انعكاسات مستقبلية، مرجحا تريث القاهرة “وعدم التسرع في الحكم على سلبيتها أو كيل الاتهامات إلى إريتريا قبل أن تبحث تداعيات وأسباب ما جرى بشكل عقلاني، لأن الأمور لا تحتمل خلافات جانبية مع أطراف أفريقية جديدة”. لم تقتصر زيارة أفورقي على موقع سد النهضة، حيث قام بجولة واسعة تفقد خلالها عددا من المشروعات التنموية في إثيوبيا، من بينها سدود أخرى صغيرة تقيمها الحكومة لتوليد الكهرباء، ما يعني أن أسمرة تؤيد ضمنيا هذا الاتجاه التنموي. ويقول متابعون، إن جولة الرئيس الإريتري لها أبعاد داخلية خاصة بكل من نظام أفورقي، والحكومة الإثيوبية التي يقودها آبي أحمد، ونتائجها السياسية ستظهر قريبا. ويواجه الأول تحديات مصيرية تتعلق بتنامي قوة المعارضة السياسية والعسكرية، التي رفضت ما رشح من معلومات حول إعداد ابن أفورقي لوراثة أبيه في السلطة، بينما يعاني الثاني من تبعات انتخابات إقليم تيغراي وروافدها على بعض الأقاليم . وتعيش جماعات تيغراي في البلدين، وتخشى أديس أبابا أن تتطور خطوة الانتخابات إلى مطالبات بتقرير المصير الذي يخوله لها الدستور الإثيوبي، فتدخل البلاد في متاهة سياسية جديدة، تفاقم من حدة المشكلات الراهنة، حيث اشتد عود القوى المعارضة، التي تواصل احتجاجاتها في أقاليم مختلفة. لذلك ففحوى زيارة أفورقي لإثيوبيا لها علاقة بطبيعة العلاقات بين البلدين، والتوزانات الاجتماعية والسياسية والأمنية الحاكمة، أكثر من كونها تمثل تحولا في موقف أسمرة من سد النهضة، غير أن أديس أبابا سعت لاستثمارها في إرسال إشارات خفية للخارج بأن السد يحظى بتأييد إقليمي، عكس ما تصوره القاهرة. أزمة مستعصية أزمة مستعصية وأيد نصر علام في تصريحه، لـ“العرب”، أن تكون زيارة أفورقي لموقع سد النهضة لها صلة بمحاولة استرضاء جماعات تيغراي التي تعيش في وسط وشمال إريتريا ولها جذور إثيوبية، بالتالي فقد يُنظر للخطوة أنها جاءت لتحقق أهدافا سياسية داخلية. وبدا تصريح آبي أحمد، خلال الزيارة، بالحديث عن تطورات المشروع، كأنه محاولة لإضفاء طابع التأييد الإريتري له، حيث أشار إلى مقارنة تتعلق بالمرحلة الأولى للملء التي تمت قبل شهور، قائلا “سيحتجز سد النهضة أكثر من 3 أضعاف المياه بالمرحلة الثانية لملئه”، ومن المقرر أن تبدأ أغسطس المقبل. وحظرت أديس أبابا مؤخرا الطيران فوق سد النهضة لأسباب أمنية، في إشارة توحي بعدم استبعاد أن تقوم القاهرة بتوجيه ضربة عسكرية. وقلل الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية عطية عيسوي، من إمكانية أن تكون زيارة أفورقي موجهة ضد مصر بشكل أساسي، لأن أسمرة “يصعب أن تضحي بعلاقاتها مع القاهرة الآن، خوفا من أن تتغير الحكومة الإثيوبية في أي لحظة، وتأتي أخرى تنسف معاهدة السلام الموقعة بين البلدين منذ عامين، وتتحول المنطقة الحدودية إلى بؤرة حرب حول الأقاليم المتنازع عليها”. وقال لـ“العرب”، إن علاقة إريتريا بمصر استراتيجية، وأفورقي لن يسارع بتقديم مكافأة لأديس أبابا بشأن سد النهضة وإعلان تأييده الصريح، لأنه يدرك خطورة ذلك الموقف على علاقته بالقاهرة، والتي قطعت شوطا إيجابيا.

مشاركة :