الصناديق السيادية العربية تقتنص الاستثمار الغذائي في مصر | محمد حماد | صحيفة العرب

  • 10/15/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال قطاع الغذاء المصري قبلة للكثير من صناديق الثروة السيادية، وفوائض رؤوس الأموال العربية، مدفوعا بفورة الاستهلاك المتصاعد، ومن أجل سد فجوة غذاء سوق يتجاوز عدد سكانه مئة مليون نسمة، بالإضافة إلى فرص التصدير لأسواق قوامها 1.2 مليار نسمة بإعفاء جمركي تام. القاهرة - عززت فجوة الغذاء المتزايدة في مصر تصاعد فرص الاستثمار أمام صناديق الثروة السيادية العربية في مجال الصناعات الغذائية والتنمية الزراعية، والتي تعد من أهم أكبر القطاعات الاستثمارية من حيث العائد، وسرعة معدل دوران رأس المال العامل، بما يتسق مع السياسات الاستثمارية لهذه الصناديق. ودشنت القاهرة أول صندوق سيادي بهدف تعظيم الاستثمارات وإعادة تنشيط وتشغيل أصول القاهرة الحكومية منذ نحو عامين. وأعلن الصندوق مؤخرا عن تدشين أول منصة استثمارية مع دولة الإمارات العربية باستثمارات تصل إلى نحو 20 مليار دولار، برعاية الحكومتين، فضلا عن الاستثمارات المتنوعة لصندوق أبوظبي للاستثمار الذي يتصدر المرتبة الثالثة عالميا، والصندوق السعودي، وكذلك الكويتي. وأعلنت شركة الإسماعيلية للاستثمار الزراعي والصناعي، صاحبة العلامة التجارية الشهيرة “أطياب” قبل أيام، عن سعى صندوق سيادي عربي للاستحواذ على حصة حاكمة تصل إلى مئة في المئة من رأسمال الشركة. وتصل قيمة الصفقة المرتقبة إلى نحو 190 مليون دولار، فيما بدأت فعليا إجراءات الفحص النافية للجهالة كأحد متطلبات تقييم الصفقات. محمد رضا: الاستثمارات الخليجية تستهدف التصنيع الغذائي لزيادة العائدات محمد رضا: الاستثمارات الخليجية تستهدف التصنيع الغذائي لزيادة العائدات تحفز مساعي صناديق الثروة السيادية العربية لقطاع الغذاء القوة الاستهلاكية لمصر، التي تتجاوز مئة مليون نسمة يعيشون على 7 في المئة من مساحة البلاد، ما يجعل الاستثمار في الغذاء بأكبر بلد عربي يعج بالسكان جاذبا لرؤوس الأموال. وتستورد مصر صناعات غذائية وحاصلات زراعية سنويا بنحو 8 مليار دولار، لمواجهة فاتورة الغذاء. وزاد تفشي وباء كورونا من جاذبية الاستثمار في قطاع الغذاء، بسبب ما خلفه من تداعيات سلبية على الاستثمارات الساخنة أمام صناديق الثروة السيادية في أسواق المال إقليميا وعالميا. وتشير توقعات المؤسسات الدولية إلى المزيد من تدفقات رؤوس الأموال، ووصف البنك الدولي مصر بـ”نقطة مضيئة” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العام الماضي سجل ارتفاعا بواقع 11 في المئة ملامسا مستوى 9 مليارات دولار. وأوضح أن جزءا كبيرا من هذه التدفقات وجهت إلى قطاعات الغذاء والسلع الاستهلاكية والنفط والغاز والاتصالات. وشهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي الوافدة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفاضًا بواقع 13 في المئة، ما يعكس التباطؤ في الاستثمار بجميع أنحاء المنطقة. وأظهر تقرير البنك الدولي أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل سجلت انخفاضا هامشيًّا العام الماضي، لكنها تميزت بتغير ملحوظ في وجهة بعض أكبر المتلقين. وبلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل 479 مليار دولار، بانخفاض بلغ نحو اثنين في المئة عن العام السابق. وانكمشت التدفقات الوافدة إلى الصين، ثاني أكبر متلق للاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة، بنسبة 29 في المئة لتصل إلى 131 مليار دولار، وهو انعكاس حاد عن الزيادة البالغة 32 في المئة المسجلة في عام 2018. قال محمد رضا، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار سوليد كابيتال، إن القطاع الغذائي المصري يتميز بفورة استثمارية يدرك أبعادها مستثمرو الخليج، ففي سوق استهلاكي ضخم ومفتوح يمكن استيعاب استثمارات عديدة، فضلا عن جاهزية البنية الأساسية التي تعزز الاستثمار في هذا المجال. وأضاف لـ”العرب” أن المستثمرين العرب يركزون على قطاع الغذاء، وتحديدا الشق الخاص بالتصنيع الغذائي، سواء الدواجن أو اللحوم أو الخضروات المجففة. ومهدت الحكومة المصرية فرص الاستثمار أمام رؤوس الأموال العربية في مجال الصناعات الغذائية عبر طرح أراض للاستثمار الصناعي مجهّزة بجميع المرافق. وطبقت مع هذا المسار إستراتيجية متوازية لتعزز تدفق رؤوس الأموال العربية لقطاع الزراعة، كي تتكامل منظومة التصنيع الغذائي أمام المستثمرين. وتقدم القاهرة تسهيلات كبيرة عبر شركة الريف المصري المسؤولة عن تنمية وزراعة المشروع القومي لمصر لاستصلاح مليون و500 ألف فدان. وتمنح الشركة الأراضي للمستثمرين بعقود ملكية نهائية لطمأنتهم، خاصة بعد المنازعات التي ظهرت خلال السنوات الماضية حول عقود ملكية بعض المشروعات، وأدت إلى لجوء عدد من المستثمرين إلى التحكيم الدولي. هشام القوصي: آفاق تصديرية للمنتجات المصنعة أمام 1.2 مليار مستهلك هشام القوصي: آفاق تصديرية للمنتجات المصنعة أمام 1.2 مليار مستهلك وتستهدف الاستثمارات السعودية مثلا زراعة نحو 500 ألف فدان في مصر، في مجالات إنتاج الحبوب والأعلاف والدواجن والألبان والسكر. قال هشام القوصي، رئيس شركة “إم إتش” للاستشارات المالية وإدارة الاستحواذات، إن القطاع الغذائي المصري يتمتع بتنافسية قوية ويظل جاذبا للاستثمارات، نتيجة قوة الطلب، وفرص إعادة تصدير منتجاته إلى أسواق وتكتلات قوتها 1.2 مليار نسمة، وهي الدول التي توقع مصر معها اتفاقيات إعفاء جمركي. وأوضح لـ”العرب” أن مؤشرات اللقاءات التي أجرتها شركته مع المستثمرين الخليجيين مؤخرا كشفت عن رغبة واهتمام عدد كبير من الشركات وصناديق الاستثمار بضخ فوائض في الغذاء والدواء، لأنهما من القطاعات الدفاعية. وتتدفق أيضا الاستثمارات العربية إلى قطاع الزراعات المحمية بمصر، وأعلنت القاهرة عن تدشين أول مشروع للزراعات المحمية من أجل تأسيس مئة ألف بيت زجاجي لزراعة المحاصيل، بهدف زيادة الإنتاجية وترشيد استهلاك مياه النيل على مساحة 20 ألف فدان. وتم افتتاح المرحلة الأولى منه بنحو خمسة آلاف مزرعة محمية على مساحة ألف فدان، ومن المخطط أن تحقق هذه المرحلة قدرة إنتاجية بنحو 1.5 مليون طن سنويا من الخضروات المختلفة، وتعادل إنتاجية هذه المرحلة أكثر من مئة ألف فدان من الزراعات المكشوفة. وتقوم تكنولوجيا المزارع المحمية بترشيد استخدام المياه في عمليات الري بنسبة 90 في المئة، ما يعزز خطط القاهرة الرامية إلى ترشيد استهلاك المياه خلال الفترة المقبلة. ووافق مجلس الوزراء المصري على تأسيس الشركة الوطنية للاستثمار الأفريقي كأول شركة تمتلكها وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في مصر، بهدف القيام بأنشطة الزراعة خارج حدود البلاد. ومن المخطط أن تبدأ الشركة الجديدة نشاط الاستثمار الزراعي في تنزانيا، لتوفير المحاصيل التي تواجه القاهرة ندرة فيها ومشكلات في زراعتها، وتسمح الخطوة بتعزيز عمليات تصنيع الغذاء، وتفتح أفقا جديدا للاستثمارات الغذائية في مصر.

مشاركة :