العرق والدين - د.محمد ناهض القويز

  • 11/14/2013
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

إتماماً لما وعدنا به من العودة للبحث الصادر من الجامعة الحرة ببرلين في ألمانيا خلال ثمانينيات القرن الفائت نقدم رصدهم للروابط العرقية والدينية في العالم الإسلامي. تقول الدراسة: "بالرغم من أن المجتمع الإسلامي التقليدي لمنطقة الشرق الأوسط يوصف عادةً بكونه فسيفساء أو تركيبة من مجموعات عرقية ودينية مختلفة. إلا أن التسييس المنظم للاختلافات العرقية والدينية في تاريخ منطقة الشرق الأوسط يعد مفهوما حديثا.. فحقيقةً كان المجتمع الإسلامي التقليدي قويا، وذلك في ضوء تركيباته وتقسيماته الحاسمة والفعالة، وبالتالي لم يكن في وسع دول المنطقة سواء أكان عسكريا أم اقتصاديا سوى العمل على تحقيق التجانس بين فئات سكانه والتكامل الثقافي بين هذه الفئات دون السيطرة الكاملة على المناطق الواسعة الواقعة تحت سيطرة وحكم دول هذه المجتمعات. وقد انتشرت أعمال الدولة ومهامها بصورة رئيسة حول فرض وتحصيل الضريبة واتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات اللازمة لضمان وتحقيق السلام الداخلي ثم بعد ذلك منح المنظمات الإقليمية للشعوب المختلفة الاستقلالية الذاتية إلى حدٍ كبير. وواحد من أهم الأسباب الرئيسة لهذا هو الارتباط التاريخي بين إسلامية الشرق، والطبيعة البدوية لهذه المنطقة. فقد ارتبط التوسع والاتساع الإسلامي للعديد من مئات السنين يدا بيد مع توسع العرب والأتراك ذوي الطبيعة البدوية. وكانت النتيجة تكبيد وإصابة المجتمعات المستقرة والمستوطنة هناك ذات السمة الزراعية خسائر وأضرارا لصالح الطبيعة التجارية المناقضة (السمة الزراعية للمجتمعات تعد الأساس التقليدي لوجود جهاز بيروقراطي إداري قوي في الدولة). (تمثلت الطبيعة التجارية في عدة مدن متناثرة ومتباعدة، والتي تعيش أساسا وقبل كل شيء على عائدات طرق التجارة البعيدة). وفي ظل هذا المناخ وتحت هذه الظروف والملابسات تم طرح السمات العامة المشتركة (الدينية والعصبية) الغالبة كقاسم وعامل واضح لتحقيق الوحدة السياسية المستمرة في المنطقة. وقد لاحظ المؤرخ العربي ابن خلدون (1332-1406م) أن الحركات الدينية الجمة تصبح عديمة القوة ما لم تستند على شعور ورابطة مشتركة (العصبية) مثل القبيلة أو العشيرة. (بل فإن الأصل المشترك يستطيع أن يكون له دور وعامل توحيد وتجميع مشترك فقط في حالة وجود هؤلاء الأقارب وارتباطهم معا في محيط واحد متقارب. وأيضا فإن تلك الروابط والصلات البعيدة والتي لا تلعب دورا في الحياة اليومية والتي تمثل اهتمامات علمية نظرية لعلماء الأنساب والأصول لايمكن أن تمثل القوة المحركة لتحريك الشعوب ولذلك فليست لها أهمية من الناحية السياسية). ولقد كان ولاء الأفراد في المجتمعات الإسلامية القديمة لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط أولا وقبل كل شيء للوحدات القريبة منه جغرافياً وموضوعياً، والمعروفة له مثل جالياته وتجمعاته الدينية المحلية – أقاربه، وقريته – مكان قبيلته وما شابه ذلك. وبهذا استمر الصراع والصدام في لبنان حتى القرن الثامن عشر وخلاله لفترة قليلة، ليس بين الديانات المختلفة ولكن بين كبار الاقطاعيين والملاك ذوي النفوذ الواسع، ومؤيديهم كلٌ في مناطق النفوذ الخاصة به سواء أكان ذلك في شكل قرى درزية أم مارونية. وكذلك فقد غيّرت العديد من العشائر والمجموعات والسلالات ذات الأصول الكردية والموجودة في مناطق الحدود التركية - الإيرانية، غيرت من انتمائها الديني عدة مرات، كل مرة حسب إمكانية تحقيق وحدتهم واتحادهم مع نظرائهم من العشائر والسلالات الكردية الأخرى سواء أكان ذلك بمساهمة الدولة العثمانية السنية أم الدولة الصفوية الشيعية الإيرانية ومدى مساهمة كل دولة في تحقيق ذلك.." انتهى. إذا أخذنا في الاعتبار أن هذه الدراسة صدرت في ثمانينيات القرن العشرين أي قبل احتلال الكويت، وقبل بروز الجماعات الإرهابية وخلال قوة الدول المركزية، فإنه يمكن إسقاط ملاحظاتها واستنتاجاتها على دول المنطقة اليوم (العراق وسورية وليبيا واليمن والصومال..) سنعود للدراسة مجددا لرصد بلقنة المنطقة العربية التي بدأت قبل سقوط الدولة العثمانية..

مشاركة :