طالبت مجموعة شبابية باحتضان فئات الشباب عبر تنمية روح العمل الجماعي والممارسة الديمقراطية، إلى جانب الالتقاء مع صناع القرار في المجلس التشريعي والمؤسسات والجمعيات الشبابية، فضلاً عن سن قانون للشباب يكفل حقوقهم. جاء ذلك خلال ندوة نظمتها جمعية المنبر التقدمي مساء الأحد (9 أغسطس/ آب 2015) بعنوان «شباب البحرين... التحديات والآمال»، بمقرها في مدينة عيسى، بمناسبة اليوم الدولي للشباب، وتحدث فيها كل من: الصحافي راشد الغائب، ورئيس اللجنة الطلابية بجمعية الشبيبة البحرينية أحمد عدنان، وبمشاركة مجموعة من الشباب والمهتمين. من جانبه، استعرض الغائب بعض الكتابات التي تعود إلى منتصف الستينات والتي تناولت هموم الشباب البحريني، قائلاً: «تناول الكاتب محمود المردي في مقالاته آنذاك بجريدة الأضواء حزمة من المطالبات التي تصب في صالح الشباب، وأوضح الحاجة إلى إعادة النظر في برامج التعليم في المدارس الحكومية، وتشجيع الزراعة، والنظر إلى وضع المستشفيات في البحرين، مشدداً على ضرورة بحرنة الوظائف في الشركات (...)». واستشهد الغائب ببعض كتابات عبدالرحمن الباكر الذي أراد نزع فتيل الطائفية التي كانت تنخر البحرين منذ الخمسينات، متسائلاً «استناداً لتلك المعلومات، ماذا تحقق منها بعد مرور سنوات، هل وجدت الآذان الصاغية؟». وانتقد الغائب غياب ردة الفعل الشبابية الإيجابية، قائلاً: «قبل أشهر تم استحداث وزارة جديدة تعنى بالشباب، ولا توجد ردة فعل من قبل الفئة الشبابية بالإشادة بهذا التوجه»، وأضاف «المراكز الشبابية في البحرين تشكو من الموازنات المتواضعة، ومن جانب آخر، تحولت الجوائز الشبابية إلى أمر اعتيادي والإسراف في الجوائز، كما أن الشباب يستسهل في التقدم للحصول على هذه الجوائز، علاوة على ذلك فإن غالبية المطالب البرلمانية الموجهة للشباب هي خدماتية ليس إلا، فالنواب يسرفون بمطالباتهم بعنوان الشباب، إلا أنها لا تنفذ». إلى ذلك، قال رئيس اللجنة الطلابية بجمعية الشبيبة البحرينية أحمد عدنان: «إن مشاركة الشباب وإشراكهم هو أمر ضروري لتحقيق تنمية بشرية مستدامة، ومع ذلك، فالفرص المتاحة أمام الشباب للمشاركة السياسية والاقتصادية هي فرصة قليلة إن لم تكن معدومة»، مضيفاً «في العالم اليوم، هناك قرابة ثلاثة مليارات نسمة دون سن الخامسة والعشرين، ويعيش أكثر من نصف مليار من هؤلاء على أقل من دولارين في اليوم، وهناك أكثر من 100 مليون طفل في سن الدراسة غير ملتحقين بالمدارس، وكل يوم يموت نحو 30 ألف طفل بسبب الفقر، ويصاب 7 آلاف شاب بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة». وذكر «على رغم أن الشباب يشكلون ربع القوى العاملة في العالم، فإنهم يمثلون نصف العاطلين عن العمل فيه، إذ تجد أسواق العمل صعوبة في توفير مهن مستقرة ذات مستقبل جيد للشباب»، وزاد بالقول: «في البحرين إن وجدت فرص عمل فهي ذات أجر متدنٍّ لا تتناسب مع الشهادات الأكاديمية، باستثناء من تلقوا تدريباً رفيع المستوى، فمن دون عمل كريم يظل الشباب عرضة للفقر بشكل خاص، وعلى المدى البعيد سيواجه الشباب المحرومون عقبات أكبر على طريق التقدم، وقد لا يستجمعون مصادر القوة التي تكسب بصورة عامة من خلال العمل الثابت الطويل المدى، مثل إمكانية الوصول إلى الأصول والموارد، والشبكات الاجتماعية القوية ومركز اتخاذ القرار في الأسرة أو المجتمع، ونرى كثيراً من الشباب بسبب فقدان العمل ينجرف إلى اتخاذ العنف طريقاً له». واعتبر أن «الشباب يعيش ضياعاً وتشويشاً ومستقبلاً غامضاً، فالحقيقة فيما يدور حوله غامضة تتقاذفها أجهزة إعلام وتواصل اجتماعي بشكل يومي توغل في تشويه عقله ووعيه ورؤاه، فلا التعليم يسير بطريقة سليمة كما يجب، ولا الطريق للمستقبل ممهد وواضح، بل العراقيل تزداد وتتعمق بفعل سياسة التمييز القاتل لروح الشباب وطموحه، وخير دليل على ذلك ما يواجهه متفوقو خريجي الثانوية العامة من تمييز في توزيع البعثات». وأضاف «وتوظيف ما بعد الدراسة يعيش مأساة أخرى هي استمرار للأولى، حيث تدفع لليأس وتخنق حماس الشباب وتقتل فيهم الأمل فيزداد المستقبل أمامهم ظلمة وقتامة، فلا يشعر الشباب أن أمامه ميداناً يأخذ من خلاله مكانه بحسب الكفاءة والقدرات التي يتمتع بها، بل يواجه جبالاً من الفساد الإداري وتوابعه، ويصطدم بأبواب موصدة لا أمل في عبورها بسلام الإمكانيات والكفاءات (...)». وشدد عدنان على «ضرورة مساعدة الشباب على التغيير نحو الأفضل وذلك عبر إكسابهم بعض المهارات اللازمة مثل إجادة فن التفاوض والاتصال والتواصل مع الآخرين، والعمل كفريق، وكيفية إدارة الأزمات وحل النزاعات، إضافة إلى ضرورة تأدية الواجبات ومعرفة الحقوق عند الشباب، ومن الضروري التركيز على أهمية إدارة الوقت، ومن ثم يجب العمل على تشكيل أطر ضاغطة من الشباب من أجل الضغط لسن قانون للشباب يؤمن لهم حداً أدنى من الحقوق، وخصوصاً في مجال التعليم والعمل ومتابعة تنفيذ القوانين الراعية لهم، وإنشاء شبكة شبابية لعمل علاقة بين مختلف المؤسسات الشبابية على مستوى الوطن، وتنمية روح العمل الجماعي والممارسة الديمقراطية إضافة إلى الالتقاء مع صناع القرار في المجلس التشريعي والوزارات والمؤسسات والجمعيات الشبابية ووضعهم أمام احتياجات الشباب أولاً بأول». وخلال فتح باب المداخلات، قال أحد الحضور في مداخلته: «حتى وإن كانت هناك صعوبات وتحديات تواجههم، عليهم بالتقدم ومواجهتها ولا يأس مع ذلك، ويجب التفاؤل، ونحن نشد بالأيادي وهناك شباب لديهم إبداعات، على الدولة الاهتمام بهذه الفئة واستثمارها في الكثير من المجالات، ويجب على الشباب أن يتواصلوا مع الجمعيات الأخرى». من جانبها، تحدثت إحدى الحاضرات عن عزوف الشباب عن مؤسسات المجتمع المدني، قائلة: «عزوف الشباب لا يرجع إلى فترة بعد الأزمة، إلا أنها كانت سابقة، إذ لا توجد أرضية ثقافية واضحة، ونحن كأعضاء في الجمعيات الشبابية، نلاحظ أن الشباب يعاني من قلة وعي، وهدفه من انضمامه إلى الجمعية بغرض تضييع الوقت في هذه الجمعيات، كما لا يوجد وعي سياسي عند غالبيتهم، ولابد من تهيئة الشباب، وتشجيعهم على حب المشاركة في الفعاليات الأخرى، وأعتقد أن الفعاليات المقدمة لا تناسب الأعمار للارتقاء بالشباب، وهناك غياب للفعاليات التي تلامس هموم الشباب، ويجب النهوض بالجمعيات الشبايية التي تشهد ركوداً». وقال آخر: «هناك قمع للكلمة، إذ لا يستطيع الشباب التعبير عن آرائهم، ولا يستطيع الإبداع في الأعمال، وعلى رغم القيود المفروضة والهجمة الشرسة عليهم، لابد من روح المبادرة، ويجب على الجمعيات الشبابية إقامة ندوات تثقيفية للشباب لاحتضانهم وحثهم على المشاركة للتعلم من الماضي والحاضر».
مشاركة :