في معركة مؤتة، عاب المسلمون عودة جيشهم للمدينة المنورة بدون نصر، وقالوا عنهم الفرَّارون، فقال عليه الصلاة والسلام، بل هم الكرَّارون، إن شاء الله. أحياناً تقتضي قوانين القوة، التراجع، وإعلان الهدنة، وهو ليس ضعفاً، ولكنه الخيار الأفضل عند تيقن الهلكة، فلا تعطِ خصمك أبداً نشوة القضاء عليك.
مالت شجرة الكستناء على شجرة التين، وقالت لها، أنت ضعيفة ثمرك لين، وسهل القطف، ويلتهمه الإنسان، بدون رحمة، وثمري صلب ومغلف، وقاسٍ، تعالي معي أضعك تحت حمايتي، قالت شجرة التين : شكراً، لأن الإنسان يشوي ثمرك بالنار، فابتعدي.
كانت مملكة ميلوس، تقع في جزيرة بين أثينا وسبرطة، وكانت شبه محمية بسبرطة، ولأن موقعها استراتيجي في البحر المتوسط، تقدمت أثنيا لاحتلالها، وبدأت المفاوضات بينهما، وحاول حكماء أثينا الأقوياء، استمالتهم، وإدخالهم في حلف استسلام، ولكن حاكم ميلوس رفض رفضاً قاطعاً، ولم يقبل شروط الاستسلام، أو التحالف، مع أن فارق القوة بينهما كان كبيراً، واعتقدت ميلوس أن سبرطة ستهرع لنجدتها، وهذا لم يحصل، فدخلت جيوش أثينا، واحتلوها، وقتلوا كل رجالها.
في وضع مشابه، طلبت قوات التحالف من صدام حسين الخروج من الكويت، والعودة عن قرار الغزو، بدون فائدة، فقد ركبه العناد، واستبعد دخول جيوش الدول الكبرى، فتم تدمير جيشه بالكامل.
في حمى الثورة الفرنسية، عاش الفيلسوف والشاعر الفرنسي فولتير في لندن، وفي إحدى جولاته، قابلته الجموع الغاضبة، المتعاطفة مع الثورة الفرنسية، وصاحوا في وجهه اقتلوا الفرنسي الهارب، أقتلوه، فانتظر حتى اقتربوا منه وقال لهم، لم أتشرف بأن أولد انجليزياً، فالقتل قليل في حقي، فضحكوا وتركوه.
#ثمانٍ_وأربعون_قانوناً_للقوة_روبرت_جرين
القانون الثاني والعشرون، أحياناً الاستسلام قوة، والانسحاب التكتيكي فرصة لاستعادة الأنفاس، وتقوية الصفوف، والكرّ، والفرّ مكيدة حربية، وسلاح فعّال.