بسم الله الرحمن الرحيم.. عزمت بعون الله تعالى على كتابة خواطري وتأملاتي لآيات كتاب الله تعالى الكريم، والله تعالى الموفق والمستعان ولنبدأ بالبسملة.. “بسم الله الرحمن الرحيم”، وهي الآية والكلمة التي استفتح الحق سبحانه وتعالى بها خطابه إلى عباده وخلقه، حتى يبعث في أنفسهم الطمأنينة وعدم القنوط واليأس من رحمته عز وجل، مهما تعاظمت الذنوب ومهما كان جرمهم.وفي هذه الآية الكريمة أشار عز وجل إلى إسمين من أسمائه وهما الرحمن والرحيم، وجمع فيهما صفتين من صفاته وهما صفة الرحمانية، وصفة الرحيمة، وصفة الرحمانية هي صفة عامة شمل بها الحق سبحانه وتعالى جميع خلقه، وهي الصفة الملازمة لكل صفاته عز وجل بما في ذلك صفات الجلال والقهر، فهو تعالى رحمان في جبروته بالمستضعفين، والذين عانوا من ظلم وتجبر وبطش الجبابرة والظلمة، الذين تجبروا وبطشوا وظلموا وقهروا العباد..ولقد كان من رحمته تعالى بالعباد أنه تعالى كتب على نفسه الرحمة حيث يقول سبحانه: “كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ".. ويقول سبحانه: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “.. هذا ومظاهر الرحمة الإلهية لها صور ومظاهر متعددة لا أول لها ولا آخر ولا حد لها ولا منتهى ولقد كان من رحمته عز وجل أن أنزل لهم كتبا ورسالات سماوية تنير لهم سبل السعادة في الدنيا، والفوز والنجاة في الآخرة، وتقودهم إلى الهداية والرشد والرشاد وتنظم لهم حركتهم في رحلة الحياة..وأرسل سبحانه وتعالى رسل وأنبياء يبلغون رسالاته للناس ويرشدونهم إلى طريق الخير والصلاح، ثم إنه من رحمته تعالى أن ختمهم بنبي الرحمة ورسول الهدى الإنسان الجامع لكل معاني الإنسانية، بكل ما فيها من قيم إنسانية نبيلة ومكارم وفضائل ومحاسن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله، وجعله سبحانه عين الرحمة الإلهية لجميع الخلق وليس لأمته فقط، حيث يقول تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ “..ومن مظاهر رحمته عز وجل أنه يحلم على العبد المسيء ولا يعاجله بالعقوبة وأنه تعالى فتح باب التوبة والمغفرة والرحمة، وأنه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وإذا ناداه العبد الطائع وقال: يا رب.. قال له سبحانه ”لبيك عبدي".. مرة واحدة. وإذا ناداه العبد العاصي وقال: يا رب، قال له سبحانه: لبيك. لبيك. لبيك عبدي ثلاث مرات..ومن رحمته وعظيم فضله أنه يبدل سيئات العصاة التائبين حسنات، حيث يقول سبحانه: “لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمً”.. ومن رحمته سبحانه أنه إذ هم عبد بحسنة ولم يفعلها كتبت له حسنة، وإن فعلها كتبت له بعشر حسنات. وإذا هم عبد بسيئة ولم يفعلها كتبت له حسنة وإن فعلها كتبت عليه سيئة، أو أن يعفوا سبحانه وتعالى عنها..ومن مظاهر رحمته عز وجل بالمؤمنين العصاة أنه قال: “إن جاءني عبدي يوم القيامة بذنوب ما بين السماء والأرض وهي لا يشرك بي أحدا أتيته قرابها أي ما يعادلها ويوازيها مغفرة”.. ومن مظاهر رحمته تعالى أن جعل صاحب اليمين الملك الذي يكتب الحسنات فوق صاحب الشمال الملك الذي يكتب السيئات، وأميرا عليه، فإذا وقع العبد في سيئة وأراد ملك السيئات أن يكتبها يقول له ملك اليمين انتظر ولا تكتبها عله يستغفر ويتوب..هذا ومن مظاهر رحمته عز وجل أنه يرزق الكافر الذي كفر به سبحانه وأنكر وجوده سبحانه.. ومن مظاهر رحمته عز وجل أن وضع الرحمة والشفقة والرأفة والعطف في قلوب عباده الصالحين تجاه عباده الفقراء والمساكين والمحتاجين.. ومن رحمته سبحانه أنه ألف بين قلوب عباده الصالحين وأودع فيها المحبة..ومن مظاهر رحمته تعالى أن أودع في قلوب الأمهات والآباء الرحمة والشفقة والرأفة والعاطفة والحنان تجاه الأبناء.. هذا وكما ذكرنا أن رحمة الله تعالى لا أول لها ولا آخر، هذا بالنسبة لاسم الرحمن وهو يحمل صفات الرحمة الإلهية لعامة الخلق، أما بالنسبة لاسمه تعالى “الرحيم” فهو اسم يشير إلى رحمة الله تعالى الخاصة بعباده المؤمنين.. فالرحمة عامة والرحيمية خاصة..هذا وفي آية البسملة وأسرارها، يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: إن الله تعالى جمع آيات القرآن في فاتحة الكتاب وجمع الفاتحة في آية البسملة، وجمع آية البسملة في كلمة بسم وجعل الباء فيها موضع أسرار كتابه عز وجل.. وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى.
مشاركة :