أقر البرلمان اللبناني اليوم (الاثنين) قانونا بتعليق العمل بأحكام السرية المصرفية لمدة عام عن كل من تعاطى في الشأن العام وعمل في مصرف لبنان المركزي والوزارات والادارات ومؤسسات الدولة العامة. وجاء إقرار القانون بحسب (الوكالة الوطنية للاعلام) اللبنانية الرسمية في جلسة تشريعية عقدها البرلمان اليوم. ويأتي هذا القانون بعد قرار للبرلمان في 27 نوفمبر الماضي بإخضاع حسابات المصرف المركزي والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة للتدقيق الجنائي من أجل كشف هوية المتسببين في إهدار المال العام وهو الأمر الذي يرتبط بتعليق العمل باحكام السرية المصرفية. ويعتبر إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات المصرف المركزي والادارات العامة من بين الأمور الإصلاحية التي يطلبها صندوق النقد الدولي والدول المانحة لمساعدة لبنان. وكانت شركة "ألفاريز ومارسال" الدولية قد انسحبت في 20 نوفمبر الماضي من اتفاق مع الحكومة اللبنانية لاجراء تدقيق محاسبي جنائي فى المصرف المركزي في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة. وأعلنت الشركة انها لم تتلق كافة المستندات التي طلبتها من المصرف المركزي الذي أوضح أن أحكام السرية المصرفية في "قانون النقد والتسليف" تحول دون تسليم بعضها مما يستدعي تعديل القانون أو طلب الحكومة عبر وزارة المالية كشف حساب لحسابات الدولة. وجاء طلب التدقيق في حسابات المصرف المركزي بعد تضارب في احتساب أرقام العجز والخسائر المالية بين المركزي والحكومة خلال المفاوضات التي كانت تجريها مع صندوق النقد الدولي لطلب المساعدة لخطة الحكومة للتعافي المالي والاقتصادي. ورحب الرئيس اللبناني ميشال عون في بيان، بتعليق البرلمان العمل بالسرية المصرفية عن كل من تعاطى في الشأن العام، معتبرا ان ذلك "يضع ملف مكافحة الفساد موضع التنفيذ، لأنه الطريق الى تحقيق الاصلاحات المرجوة والتي ينادي بها الشعب اللبناني وتشجعنا عليها الدول والمنظمات الدولية." وتمنى ان "يأخذ التدقيق الجنائي، بعد رفع السرية المصرفية، طريقه الى التنفيذ لإدانة المرتكبين وفق الأدلة التي ستتوافر نتيجة هذا التدقيق". وكان عون أشار في وقت سابق من اليوم إلى أن" فرنسا التي تريد أن تساعدنا تطالب بالتدقيق المالي ، والولايات المتحدة كذلك تماماَ كالبنك الدولي، لكن هناك مقاومة لا تزال قوية بوجهه، لأن ما من أحد من الفاسدين يرضى بتسليم نفسه". وأكد "أن الفساد هو الكارثة الأكبر في لبنان، لأنه كالمرض المزمن مستمر في الزمان، ولا إصلاح في لبنان إذا لم يتم القضاء عليه". وكان لبنان وسط تبادل اتهامات عن فساد وإهدار للمال العام قد توقف عن سداد ديونه السيادية في مطلع العام فيما فرضت المصارف قيودا على سحوبات الودائع وانهارت العملة الوطنية ودخلت البلاد ازمة نقدية ومالية. وتفاقم الوضع اللبناني مع تداعيات تفشي (كوفيد-19) وانفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي بسبب 2750 طنا من مادة "نترات الأمونيوم" المخزنة من دون وقاية مما أوقع نحو 200 ضحية و6500 جريح، إضافة إلى تشريد نحو 300 ألف شخص وأضرار مادية ضخمة قدرت بنحو 15 مليار دولار .
مشاركة :