وهج الكتابة: روائيون شعراء

  • 12/26/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شعراء تحوّلوا إلى روائيين أو كتّاب قصة قصيرة، عبارة أو خبر أصبح مألوفًا ولا غرابة فيه، لكن هل سمعتم عن روائيين أو كتّاب قصة تحولوا إلى شعراء؟ إنه أمر نادر الحدوث. في اعتقادي الشخصي أن الشاعر يحمل أخطر الأسلحة الإبداعية كالخيال والجنون والحس الفانتازي، وهذه كلها أدوات غنية تتيح للشاعر أن يلج عوالم إبداعية أخرى، وخاصة القصة والرواية والمسرح، إذا تمكّن مع التدريب والمران أن يتخلص من التكثيف الذي هو صفة ملازمة للشعر على عكس الرواية التي تحتاج إلى جرأة السرد والانطلاق بلا حدود في الوصف. الشاعر عندما يدخل عالم القصة أو الرواية لا يتوقف عن كتابة الشعر في الغالب، فالشعر يظل منبعه الأول والأنقى ربما.البعض يطلق على هذه المرحلة «عصر الرواية» التي بدأت تكتسح الرفوف والعقول وذائقة القراء وتراجع الشعر إلى صفوف خلفية، حسبما يعتقدون. قليلون من الذين يشترون دواوين شعرية وهذه حقيقة يقولها أصحاب المكتبات بصوت عال، حتى الشعراء أنفسهم ما عادوا متحمسين لإصدار دواوين جديدة وأنا منهم، على الرغم من أن لدي ثلاثة دواوين مخطوطة أنتظر من يطبعها لي ولستُ في وضع يشجعني على تحمّل أي تكاليف في وضعي الراهن. بعدما نشرتُ روايتي الأولى «وللعشق رماد» أصبح السؤال التقليدي في كل المقابلات التي أُجريت معي تقريبًا: «ما سبب انتقالك أو تحوّلك إلى كتابة الرواية؟». وكان ردي الذي أصبح جاهزًا «انه ليس انتقالا أو تحوّلا، إنه امتداد، فتح نافذة تعبير أخرى إضافية». شاعر روسيا العظيم «بوشكين» ظلّ معروفًا كشاعر، على الرغم من أنه كتب العديد من الروايات، شعرًا وسردًا، ربما أكثر من عدد دواوينه الشعرية. وعلى العكس من ذلك لم تشتهر الكاتبة الإنجليزية ايملي برونتي بكونها شاعرة وكانت رواية واحدة تكفي لتجعل منها روائية عظيمة وهي «مرتفعات وذرينج» التي لم تكتب غيرها ومازالت روايتها خالدة.هناك ظاهرة أخرى تتمثل في بزوغ كتّاب هم مزيج من شعراء وروائيين أو قصاصين في آن واحد من بدايتهم مثل الكاتبة السورية غادة السمّان والروائي البحريني أمين صالح، فأنت لا تدري عندما تقرأ أعمالهما إن كان ما تقرأه شعرًا أم سردًا. ونفس الكلام ربما ينطبق أيضًا وربما بدرجة أقل على الروائي فريد رمضان - طيب الله ثراه -.نعود إلى سؤالنا الأصلي ما الذي يجعل الشاعر يتجه إلى القصة أو الرواية. إنه التكثيف في رأيي الذي يخنق الشاعر أحيانًا ويحتاج إلى الانعتاق منه فترة ليتنفس سردًا، كلما تعاظم المخزون الثقافي والذاكرة الغنية والخيال الجامح والشفافية العالية لديه، مما يجعل منه بحاجة إلى نافذة أخرى يعبّر من خلالها عن الانفجارات الفانتازية داخله كشاعر، ويرغب في توزيعها عبر نوافذ متعددة، لكنه يظل في النهاية شاعرًا ويصرُّ على ذلك كما في حالتي.Alqaed2@gmail.com

مشاركة :