يوجد على الدوام عروض نظرية تنتهي بالإشادة والتبجيل فقط تماماً كالبرامج الرياضية وتنتهي بانتهاء المناسبة التي ذُكرت بها، ما يسبب صدعاً خارج حجرة الوعي التي تكتشف أن الطمع والجشع والأنانية تأخذ الفرد في اتجاه مغاير وتبقى قواماً غريزية في الإنسان وهو غير مبال لجهله ويعتقد أن الوعي هو جوهر الإنسان كما نوه نيتشه في بعض النصوص. فالحقيقة التي لا غبار عليها أن الرمز الرياضي لا يمكن تعويضه بشيء آخر إذا تم إسقاطه من قائمة الاهتمام والحفاوة، ويوسف مسرحي أول عداء سعودي يحرز ذهبية ضمن الدوري الماسي العالمي لألعاب القوى عندما أحرز المركز الأول في سباق ذهبية 400 م ضمن لقاء أوسلو عام 2013م وقبلها تأهل للدور نصف النهائي في سباق 400م ضمن دور الألعاب في لندن عام 2012م ، ثم توالت إنجازاته وحقق فضية 400 م في البطولة الآسيوية بالصين، وفاز بالمركز الأول في بطولة جامايكا الدولية، وفي لقاء تم مع يوسف مسرحي في مدينته حيث قال:(أتمنى أن يلتفت المسؤولون إليّ، فأنا فخور برفع راية بلادي وتشريفه بالمحافل الدولية، وأنا لا أتعامل مع الأمر إلا أنها مهمة وطنية ولم أحظَ بتنفيذ وعود بتكريمي من بعض الأشخاص). وأضاف مسرحي عن إمكاناته المادية المتواضعة التي عانى منها في بداياته وهو الآن ينافس أبطال العالم في المحافل الدولية، ففي لحظة ما تلمّ بالإنسان إلى الاعتقاد بأن العالم الحقيقي ليس ذلك الذي نعيشه وإنما ذلك الذي يقع وضعه. وبالمقابل نقرأ عن موافقة الأمير عبدالرحمن بن مساعد على رفع مصروف االلاعبين من ثمانين ريالاً إلى 375 ريالاً على المستوى الخارجي وفي المشاركات الداخلية مئة ريال في إطار دعم اللاعبين النخبة لذهب الأولمبياد منذ اليوم الأول للمشاركة، ومع ذلك نسمع تصريحات معاكسة لهذا الدعم من الإعلاميين عبر أكشن يادوري ما جعلهم يطلبون استقطاع من رواتب الرياضيين والإعلاميين لهذا البطل كدعم مادي لمشاركاته الخارجية وتغطية جزء من مصروفاته. كما أوضح الأمير نواف بن محمد رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى عبر صحيفة سبورت أن المركز الذي حققه العداء يوسف المسرحي يعتبر بداية مشجعة ومؤشراً قوياً على إمكانية فوز مسرحي بنصف نهائي سباق 400 م والتأهل للنهائي متمنياً له التوفيق وتحقيق الآمال المعقودة عليه، ومن هذا المنطلق نهيب بالمجتمع الرياضي معرفة دلالات ومعاني التفوق الذي ينبع من صميم الحياة البشرية وينم عن عمق خارج مجال البيولوجيا، وتكون له قدرة نوعية تميز الكائن البشري عن غيره. ومن مزايا هذا الوسط فرصته الكبيرة في الظهور وكثافة متابعيه من جميع الفئات العمرية، فهو يستطيع صنع التفاعل مع أبطال عملوا من أجل وطنهم وقدموا أسمى المعاني بجهد بدني خارق واجتهادات شخصية، للحصول على مراكز متقدمة وإنجازات عالمية رفعت أسماؤهم ومشاركاتهم علم المملكة عالياً في المحافل الدولية والمونديالات، فإن أفضل درجات الدعم هو– الدعم الملموس- الذي يخفف من وطأة الضغوط النفسية ويحفز الأرواح على مزيد من التميز والإبداع. وإجمالاً فإن الأخلاق الحقيقية هي أخلاق الواجب وغايتها تشارك الفائز فرحته وتقدم له العطاء الذي يتوقعه ورفع قيمة أسهم المتعثر للبقاء على مشارف المستقبل وشد أزره وتحفيزه لما يطمح المجتمع وينتظر منه.
مشاركة :