يعد العمل فاعلية إنسانية وعلاقته بتنظيم ألمجتمع علاقة كبيرة، وله دور في تطوير الأمم، لكي يشبع الحاجات ويحقق الطلبات، ويخلق انماطاً من العلاقات بين الناس يقول برغسون: في المجتمع الانساني تتشكل الصناعة والعمل بصورة مختلفة، والى جانب ذلك يجب على كل فرد أن يتعلم دوره، نظرا لأنه لم يوجه إليه بحسب تركيبه الخاص به ومما يذكره الكثير وكتبوا عنه في السنوات العشر الأخيرة، أن التخصصات لا تتوافق دائماً بشكل كبير مع الوظائف المطروحة، وأحياناً لا يتوافق المسمى الوظيفي مع التخصص، فلن تكتمل الكفايات المراد تحقيقها، والتي تحمل دلالة مفادها أن التطور التقني غير المراقب يوشك أن ينعكس سلبا على حياة الناس، فعندما يصنع شخص ما تجارة طمعا في حضارة صناعية وزيادة وتيرة النمو كممارسة اقتصادية بل دلالات تفسر الظواهر وتستخلص الايجابيات من السلبيات. إن اختراع شيء تقني هو تدشين لحادثة خصوصية: اختراع الباخرة، واختراع لغرقها، اختراع القطار، هو اختراع لخروجه عن السكة، اختراع الطائرة، هو اختراع لسقوطها. واختراع الكهرباء، هو اختراع للصعق بها. ما يهمني كمنتقد للتقنية هو تحديد خصوصية الحادثة. إنه بتحليلنا للحادثة المرتبطة بشيء ما، يمكننا تطوير هذا الشيء من أجل تحسينه، وتمدينه. ولنأخذ مثلاً القطار: عندما اخترعت السكة الحديدية، كانت الحاجة ماسة لنوعين من المهندسين: مهندسي الجسور والطرقات المكلفين بمد خطوط السكك الحديدية، وحفر الأنفاق، وبناء الجسور (جسور خاصة جدا لأنه لا ينبغي أن تكون فيها اهتزازات)، ثم مهندسي الآلة البخارية الذين اخترعوا القاطرات والعربات. كل هذا سيسير على السكة الحديدية، لكن سيخرج عنها. وحوالي 1880 كان بإمكاننا تطوير الآلة البخارية والسكك الحديدية بشكل لا متناه، إلا أن ما يعيق تطور السكك الحديدية هو انحراف القطار عن مساره. لذلك اخترعت هندسة جديدة، هندسة حركة المرور لتنظيم السير على السكة.. توجد السكك الحديدية والقطار ومحطات توقفه، لكن توجد ايضا المسافة وحركة المرور. لذلك تم اختراع مهنة مهندس حركة المرور. وهذا ما مكن فيما بعد، من ابتكار القطار فائق السرعة. إن التكنولوجيات الجديدة لشبكة الاتصال، سواء تعلق الأمر بالانترنت او بأخرى غيرها، هي من الطبيعة نفسها. إنها تحمل في طياتها الحادثة الخصوصية، لكن لا يمكن تعرُف ذلك الحادث لعدم وجود قتلى، لأننا لا نرى سيارات محطمة او اجسادا ممزقة، لكننا نرى البطالة والحيرة. إن الكشف عن الحادثة في أية تكنولوجيا يمكن من تطوير وتمدين التقنية. إن التقنية هي اولا حادثة. إن في النظام الاجتماعي السائد ينتج العمل سلعاً، بغض النظر عن أشكالها أو ألوانها أو أحجامها ودون اعتبار للنوع،، ولكن لكي يحل بعضها محل البعض الآخر في استمرارية لا تتوقف، ينبغي إيحاد العمل المناسب للشخص المناسب، لينجو الواقع من الركود الانساني والعملي،، أما الأعمال التي يزج بحزمتها بالسوق - سوق العمل - تصبح مثل الهدايا والهبات بلا مردود اقتصادي أو معيشي، ولم يبتكر "آدم سميث" الشغل كمفهوم اقتصادي، ولم يمنحه اي دور جديد، فقد استخدمه باعتباره مقياسا للقيمة التبادلية بين العمل والناس، ولو أردنا استخراج الحجج من النص، لوجدنا أن بين السطور معلومة تفيد بأن نسبة خمسة وسبعين بالمئة من الأعمال غير موافقة لتخصصات العاملين بها، وليست وفقا لطموحاتهم، لذلك تتراجع اطروحة التنمية وترتفع نسبة الإنفاق ويخفت ضوء المردود أو المتوقع، وتحل وحدة العمل العام، إلى أعمال خاصة وتكوين ثروات اعتمدت على فشل الخطط التنموية، على أن ما تمثله النهاية ليس موضوع عمل وطلب بل هو موضوع الرغبة والقناعة..
مشاركة :