عندما ننظر إلى مظاهر عوالم الخلق والكائنات من سموات وما فيهن من كواكب ونجوم ومجرات وأفلاك وأملاك وشمس وقمر وأراضين وما أظهره سبحانه وتعالى وأبطنه وأقامه وأجراه فيها من حب وحيوان ومعدن ونبات وجماد وبحار وأنهار ومحيطات، وما أوجده الحق فيها ونتأملها ونمعن النظر فيما أودع فيها الخالق الأعظم جل جلاله من إبداع في الخلق تدرك جمال عظيم الإبداع الإلهي المطلق، ومدى طلاقة القدرة المعجزة وترى الإعجاز الإلهي في الإشكال والصور والرسوم والهيئات، واللغات والألسن واختلاف العقول والأفهام والألوان والحركات نجد القلوب والألسن والحس والجوارح والملكات وذرات التكوين تنطق قائلة "سبحان الله البديع المبدع، سبحان الله القادر القوى المهين، سبحان الحي القيوم، قيوم السموات والأراضين، سبحان رب العرش العظيم الذي أبدع وأتقن كل شيء خلقه.هذا ومع كل ما رأيناه ونراه ونشاهده فما خفاه الله عنا أعظم، ومعلوم أن المخلوقات والكائنات كلها جاءت ووجدت من أثر تجليه عز وجل بنور اسمه تعالى الظاهر فبنور هذا الاسم ظهرت كل العوالم والكائنات، ومعلوم أيضا أن لله تعالى تجلى بنور اسمه تعالى الباطن وهو التجلي الخفي عنا وأعتقد أن سر إخفائه عنا لأن العقول والأبصار لا تقوى ولا تتحمل رؤيته ونحن على هيئتنا وصورتنا البشرية التي نحن عليها الآن في عالم الدنيا، ولذا غيبه الحق عنا رحمة به منا.وأثار هذا التجلي أي تجليه سبحانه بنور اسمه الباطن أحدث وما زال يحدث خلقا لا يراها إلا أصحاب القلوب والبصائر من أهل ولاية الله تعالى وهناك عوالم متعلقة بالملكوت الأعظم سماها الله بالآيات الكبرى، لم يحظى أحد من الخلق برؤيتها إلا نبينا الكريم ورسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج، ، ولقد أشار الله تعالى بقوله: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا الكبرى إنه هو السميع البصير".هذا ولقد لفت الحق سبحانه عباده إلى الآيات الكونية ودعاهم إلى النظر والإمعان والتفكر والتدبر والتأمل فيها حتى تكون سببا للإيمان به عزوجل والهداية إلى وحدانيته وتوحيده، من تللك الآيات قوله جل وعلا: "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لألوا الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار".. وغيرها من الآيات القرآنية الكثير والكثير، وكل هذه الإشارات التي أشار الله تعالى إليها وأمرنا أن نمعن النظر فيها الحكمة من ذلك كما ذكرت الهداية إلى رب الآيات ومبدعها وخالقها للإيمان به سبحانه وتوحيده وهذه المخاطبات للعامة من الناس..أما أهل محبة الله والذين أشرق على قلوبهم سبحانه بأنوار هدايته ومعرفته لهم حال خاص في هذه القضية والمسألة وفي كل ما يتعلق بالدلالات على وجوده تبارك في علاه لهم حال مختلف عن أحوال سائر البشر دونهم.. أشار إليه وعبر عنه ولي الله العارف بالله ابن عطاء الله السكندري في الحكم العطائية بقوله:"إلهي أمرتنا بالرجوع إلى الآثار الدالة عليك لنهتدي بها اليك، سبحانك، متى غبت حتى يستدل عليك، ومتى بعدت حتى تكن الآثار هي التي تقرب إليك"..وفي الختام نشهد أنه لا إله إلا أنت سبحانك ونشهد لك بالوحدانية ونخضع لربوبيتك ونسجد لعظمتك ونؤمن بأنك واحد أحد فرد صمد لا ند لك ولا ضد لك، ولا شبيه لك ولاشريك لك ولا أين بعينه لك فأنت في كل أين وأنت سبحانك الذي لا يشار إليك بأين وأنت سبحانك فوق كل فوق ومهين ومحيط بتحتية التحت وأنت تبارك في علاك لا فوق ولا تحت.ورحم الله سيدنا الإمام على باب مدينة النبي إذا قال: "رأيت ربي بعين قلبي، فقلت لا شك أنت أنت، أنت الذي حزت كل أين بحيث لا أين ثم أنت، فليس للأين منك أين فيعلم الأين أين أنت، وليس للوهم فيك وهم فيعلم الوهم كيف أنت، أحطت بكل شيء علما وكل شيء أراه أنت، وفي فنائي فنى فنائي، وفي فنائي رأيت أنت ،الله، هو الأول والآخر وهو الظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، سبحانه وتعالى، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".
مشاركة :