فِكرة كِتَابة هَذا اليَوم، تَبدو غَريبَة بَعض الشّيء، لذَلك سأحشِد لَهَا مَا أَستطيع مِن الأدلّة والبَراهين، التي تُؤكِّد صَوَاب الفِكرة ودِقّتها، والإيمَان بِهَا..! تَقول الفِكْرَة: إنَّ الشَّخص الذي يَتجاهلك، ولَا يَردّ عَليك، هو إنسَان شرّير وغَير مُسَالِم.. بَل هو شَخص يَنتقم مِنك بطَريقته؛ التي يَختصر مَضمونها المَثَل الشَّعبي القَائِل: «الحَقرَان يقطّع المصرَان»..! ولَعلَّ أوّل مَن أكّد صحّة هَذه النَّظريّة الشَّاعِر «الشَّافعي»، حَيثُ يَقول: إِذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلاَ تُجِبْهُ فَخَيْرٌ مِنْ إِجَابَتِهِ السُّكُوتُ ولَم يَكتفِ «الشَّافعي» بهَذا البَيت، بَل زَاد بَيتًا آخَرَ، ليُؤكِّد النَّظريّة نَفسها، حَيثُ قَال: يُكَلِّمُنِي السَّفِيهُ بِكُلِّ قُبْحٍ وَأَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ لَهُ مُجِيبًا ثُمَّ يُؤكِّد «الشَّافعي» في البَيت الثَّاني مِن هَذه القصيدَة، عدوَانيّة مَن يَتجَاهلك، ولَا يَردّ عَليك، حَيثُ يَقول: يَزِيدُ سَفَاهَةً وَأَزِيدُ حُلمًا كَعُودٍ زَادَهُ الإِحْرَاقُ طِيبًا فـ»الشَّافعي» يُؤكِّد هُنَا، أنَّ المُتجَاهِل يُمارِس الاستفزَاز والحَرق لخِصمه..! كَثيرة هي الأمثلَة، التي تُؤكِّد أنَّ مَن يُمارس التَّجاهُل؛ لَا يَقلُّ عدوَانيّة عَن السَّفيه نَفسه، ولَكن الفَرق بَينهما، أنَّ المُتجَاهِل قَتَل خصمه بالسِّلاح الأقوَى، وانتَقَم بالصَّمْت الأنكَى، وقَد انتبَه إلَى هَذه النُّقطَة الفَيلسُوف «بالتاستار غراتيان»، حِين قَال: (الاحتقَار هو الشَّكل الأذكَى للانتقَام)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نَقول: لَا تَنخدعوا في مَن يَتجاهلون الرَّد عَليكم، فتَعتقدون أنَّهم أُنَاس طَيّبون، بَل هُم عَلى العَكْس مِن ذَلك، لأنَّهم لَم يُصرّحوا بِمَا في دَوَاخلهم، بعَكس الشَّخص المُبَادِر بالكلَام، أو الذي نَصِفُه بالسَّفيه، فهو قَد أخرَج مَا في ذَاته، وأرَاح ضَميره..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :