أَغْشَى وأَدخُل مَجَالس بَعض أَصحَاب المَسؤوليّات والمُتنفِّذين، وكُلَّما دَخلتُ مَجلساً مِن هَذه المَجَالس، أَسمع مَن فِي المَجلس؛ يَشتكي مِن نَبرة التَّذمُّر عِند بَعض المُواطنين، والتَّشكِّي مِن سوء الخَدَمَات التي يَجدونها في بَعض الجِهَات..! هَذا التَّشكِّي وذَاك التَّذمُّر؛ جَعل أَكثَر مِن مَسؤول يَطلب مِنِّي أَنْ أَكتُب، مُطَالباً المُوَاطنين والمُوَاطِنَات بالتَّوقُّف عَن التَّذمُّر والتَّشكِّي، والاستعَاضَة عَن ذَلك بإشعَال نَار التَّفاؤل، وزَرع الإيجَابيّات، وغَضّ الطَّرْف عَن السَّلبيّات..! إنَّ مِثل هَذا الطَّلَب؛ لَن يَجد مِنِّي -رَحمني الله وسَدَّد خُطَاي- القَبُول والمُوَافقة، لَيس عِناداً للمَسؤول الذي طَلَب مِنِّي الكِتَابَة، مَعاذ الله أَنْ أَفعَل ذَلك، فأنَا أَوّل الطَّائعين، وآخر العَاصين، ولَكن أُحَاول دَائِماً أَنْ أَتَلمَّس طَريق الحَق، أَقول أُحَاول، ولَا أُجزم أنَّ مَا أَقوله هو الحَق.. والحَق في نَظري؛ أنَّنا إذَا أَردنَا المُوَاطن أَو المُواطِنَة أَنْ يَتفَاءَلَا، فيَجب أَنْ نَمنحهما أدوَات التَّفَاؤل، وإذَا طَلبنا مِنهما أَنْ يَكونا إيجَابيْين، فيَجب عَلينَا تَفعيل وَسَائل الإيجَابيّة..! بالله عَليكم، تَأمَّلوا –مَثلاً- صُورة هَذا المُوَاطن؛ الذي يَستيقظ في الصَّبَاح، فيَجد الكَهربَاء مَقطوعة، وإذَا ذَهَب ليَغسل وَجهه؛ وَجَدَ المَاء شَحيحاً، وإذَا مَرضَت ابنَته، احتَاج وَاسطة كَي يَجد لَها سريراً في المُستشفَى، وإذَا ذَهَبَ إلَى مَكتبهِ شَعر بالمَرَارة؛ لأنَّه مُنذ عَشر سنوَات؛ يَستَحق التَّرقية ولَم يَحصل عَليهَا..! أكثَر مِن ذَلك، هَذا المُوَاطن لَديه ابن يَدرس في الخَارج، ولَم يُضمّ إلَى البعثَة بَعد، ولَديه ابنَة تَخرَّجت هَذه السَّنَة مِن الثَّانوية، ولَم تَجد مَقعداً في الجَامِعَة، ولَديه زَوجة تَعمل مُعلِّمة؛ في مَنطقةٍ تَبعد عَن سَكنها أكثَر مِن 100 كم، وإذَا ذَهَبَ هَذا المُواطن لشِرَاء الحَاجيات، انتهَى الرَّاتب ولَم تَنتهِ طَلباته واحتيَاجَاته، وإذَا عَاد إلَى المَنزل، وَجَد أنَّ سيّارته مُتهَالكة؛ بسَبَب المطبَّات ذَات الألَم الثَّقيل والضَّرَر الجَسيم..! إنَّ هَذه صُورَة مُتخيَّلة، والعَديد مِن المُواطنين يَشتكون مِثل هَذه الشَّكَاوَى وغَيرهَا، وعَليكم –أيُّها المَسؤولون- استقصَاء الأمُور، وستَعرفون الأحوَال والظّروف على حَقيقتهَا، ومِقدَار المُعَانَاة التي يُعانيها المُواطن؛ مِن بَعض الجِهَات الخَدميّة، التي تُتعب النّفُوس وتَقصم الظّهور..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ نُبسِّط المَسأَلة ونَقول: مَن أَرَاد أَنْ يَمنَع التَّذمُّر ويُقلِّل الشَّكوَى، فعَليه أنْ يَمنع أسبَابها، ويَقطع دَابِر الأمُور المُؤدية إليهَا..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :