بعض الناس يعشقون الثرثرة وكثرة الكلام؛ لأنّهم يجدون فيها لذّةً، وخصوصًا عند الطعن في آراء الآخرين، أو النَّيل من سمعتهم وكرامتهم. وذلك مرض عضال كون المثرثر يرى نفسه في قمة عالية، والآخرين دونه مهما علا قدرهم. ومن الأسباب المفضية إلى كثرة الثرثرة عوامل الفراغ، والكِبْر والغرور. وعندما يقترن ذلك بالهرم، والخرف تتضاعف مقادير الثرثرة، وتزداد أعراض العلّة. ومن أشد الأمثلة وضوحًا، وأشهرها ظهورًا «محمد حسنين هيكل»، الذي اعتاد الثرثرة منذ شبابه، وكانت مصدر رزقه ولقمة عيشه. أما وقد (هرم)، فكان الأجدر به التزيّن بشيء من الوقار، فلقد علم الناس أن (الشيب) وقار، والوقار يستلزم الابتعاد عمّا هو خزي، وكذب، وعار. وتملّق القيادة الإيرانية الصفوية في قم وطهران غاية في العار، ليس لأنه يعلم أنه يكذب وحسب، وإنما لأن بني فارس يعلمون أنه كاذب بامتياز. مَن يا تُرى يُصدِّق أن (حزب الشيطان) الذي هو جزء من الفوضى في لبنان، يدافع عن نفسه بقتل الأبرياء في الشام! ثرثرة هيكل المتمادية جزء من طبيعته المتناقضة، وكذبه جزء من بضاعته الرخيصة التي إن حسبها الناس يومًا ذات قيمة، فهي اليوم بلا قيمة. عندما يتّكئ هيكل على مقعد وثير، أو أريكة عتيقة، ثم يشرع في توزيع التُّهم، ووصم القيادات التي لا تروق له (ببذاءة قد لا تليق بكبر سنّه، ولكنها متّسقة مع تاريخه)، فتلك خطيئة يتبرّأ منها الكبار، ويتباهى بها أمثاله من الصغار. هيكل جزء من عملية العبث بحقائق التاريخ، فهو يزوّرها كيف يشاء، ويضيف عليها شيئًا من بهارات اتّصالاته ولقاءاته بالرئيس فلان، والقائد بهتان. ولأنَّ كثيرًا ممّن يزعم وصلاً بهم قد انتقلوا للعالم الآخر، فلا مجال لتمييز الغثِّ من السمين، ولا أحسب أن له من السمنة نصيبًا. وسيرة الرجل متقلّبة، متذبذبة، فهو في عهد عبدالناصر قومي عروبي، في حين هو اليوم ذو هوى صفوي فارسي. لكن من الواضح أن (المال) هو وحده سيد الأحكام (الهيكلية) الفاسدة عقلاً وواقعًا. لم ولن يستطيع المال قلب الحقائق، حتى لو كان هيكل بطلها المزعوم. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :