لا تزال لعنة الموت تطارد دارفور الإقليم السوداني الذي ما انفك يلملم جراحه من حرب ضروس، خاضها نظام الإخوان المعزول لأكثر من عقد من الزمان، راح ضحيتها مئات الآلاف من القتلى، وملايين المشردين في معسكرات النزوح واللجوء، تجتهد حكومة الفترة الانتقالية لإطفاء الحريق الذي قضى على أخضر ويابس الإقليم. وذلك من خلال التوقيع على السلام مع عدد من الفصائل المتمردة، ولكن تظل آثار الحرب باقية عبر الاقتتال القبلي الذي اشتدت حدته أخيراً بولايتي غرب وجنوب دارفور وفقدت على إثره الأرواح وأتلفت الممتلكات. أولويات قصوى يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الخرطوم إن الاقتتال القبلي الذي اندلع خلال الأسبوع الماضي بمدينتي الجنينة بغرب دارفور وقريضة بجنوب دارفور راح ضحيته ما لا يقل عن 250 قتيلاً و240 جريحاً، كما أن أكثر عن 100 ألف شخص نزحوا من المناطق التي اندلع فيها الاقتتال، بالولايتين، وأكد المكتب أمس أن المنظمة الأممية تخطط لتقديم المساعدات لآلاف الأشخاص الأكثر ضعفاً، ولفتت إلى أن الأولويات القصوى تتمثل في الحماية والمأوى والغذاء والمياه والخدمات الصحية. وعبّر الأمين العام للأم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك عن متابعته اللصيقة للأحداث بغرب دارفور، وقدم حمدوك شرحاً لغوتيريس حول الأحداث والتعزيزات العسكرية والأمنية التي دفعت بها الحكومة إلى هناك، والإجراءات القانونية التي يجري اتخاذها لمحاسبة جميع من تسبب في الانتهاكات، بالإضافة للخطوات المستقبلية المرتبطة بتحقيق السلام المجتمعي وتكوين الآلية الوطنية لحماية المدنيين وحرص الحكومة على توفير كل المعينات المطلوبة لها، خصوصاً وأنها الهيئة المناط بها استبدال قوات «يوناميد» لحماية المواطنين. وأرسلت السلطات المركزية تعزيزات عسكرية ضخمة لتثبيت الأمن بالإقليم، حيث حركت قوات الدعم السريع متحركاً عسكرياً لحفظ لاستتباب الأمن بمناطق النزاع القبلي في دارفور وحماية المدنيين حسب ما أكده قائد عام القوات النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو، خلال مخاطبته المتحرك بقاعدة (فتاشة) العسكرية، إذ اعتبر ما حدث بحاضر غرب دارفور فتنة داخلية لا علاقة لها بأي طرف خارجي، متهماً من وصفهم بالمأجورين والمرجفين بتأجيج الصراع على وسائل التواصل الاجتماعي لتعم الفوضى في البلاد، وأوصى أهل دارفور بتفويت الفرصة على من وصفهم بـ«المأجورين». أشكال كارثية ويرى مراقبون أن سنوات الحرب التي شهدها الإقليم زادت من حالة العدوانية فيما بين المكونات السكانية في ظل تنافس على الموارد يحركه أيضاً تنافس على المناصب الحكومية، والاستحواذ على أكبر الأنصبة من حظوة السلطة، ورغم أن النزاع القبلي في السودان عموماً ليس جديداً إلا أن انتشار السلاح بمختلف أنواعه بأيدي القبائل جعل من ذلك النزاع يتجه لأشكال كارثية، من خلال العنف القبلي المتبادل، الذي ظل يحصد مئات الأرواح بشكل متكرر، كما أن عجز السلطات المحلية عن فرض هيبة الدولة بالإقليم جعل من يقع عليه الظلم يلجأ لقبيلته لرد الظلم عنه في ظل ضعف المنظومة العدلية. ووفق المراقبين فإن معالجة الصراع القبلي في دارفور وفي بقية أقاليم البلاد تتطلب جهوداً مكثفة من قبل الدولة والمجتمع، كما أنها تستدعي التوافق على ميثاق شرف قبلي تتبعه إجراءات واسعة لمعالجة الاختلالات الاجتماعية والتنموية، وتفعيل الأجهزة الأمنية والعدلية لفرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون، بجانب تنظيم برامج إعلامية لبث الوعي وتعزيز التعايش السلمي. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :