منذ العام 2003 ظل إقليم دارفور غربي السودان ينزف، فما أن تتوقف نافورة الدم، إلا وتعاود من جديد جراء الاقتتال القبلي. اتفاقيات أبرمت ومصالحات عقدت. ولكنها جميعاً لم تصل إلى الاستقرار والتعايش، فالسلاح منتشر في كل ركن، وجذور الصراع لم تقتلع بعد، فالمرارات، والثأرات بين المكونات القبلية، حولت الفرحة بالسلام الموقع بين الحكومة وحركات التمرد إلى أحزان متواصلة، في إقليم ضاعت فيه هيبة الدولة وانعدمت سيادة حكم القانون. ما أن تنطفئ بؤرة النزاع القبلي في منطقة إلا وتشتعل في أخرى، ويد الحكومة مكتوفة عاجزة عن معالجة عوامل النزاع، الذي تجدد وبشكل أعنف طوال الأسبوع الماضي في محلية كلبس بولاية غرب دارفور ما أدى إلى سقوط 111 قتيلاً وعشرات الجرحى بجانب فرار 14 ألفاً من سكان 22 قرية تم حرقها في النزاع بحسب أحد القيادات الأهلية بالمنطقة. واستنكر رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس استمرار وتيرة العنف بإقليم دارفور، وقال فولكر في تغريدة له على تويتر: «لقد هالتني مرة أخرى أعمال العنف في كلبس غرب دارفور والتي أسفرت عن عدد مرتفع من الضحايا، إن دائرة العنف المستمرة في دارفور غير مقبولة وتسلط الضوء على الأسباب الجذرية الواجب معالجتها». وحمّل السلطان هاشم عثمان وهو زعيم قبيلة القمر أحد أطراف النزاع الذي دار خلال الأيام القليلة الماضية الحكومة مسؤولية حماية المدنيين في دارفور، واصفاً الأحداث التي شهدتها محلية كلبس واستمرت لستة أيام بالكارثية، حيث حرقت فيها القرى وفر منها الآلاف بجانب القتلى والمصابين. رغم التعزيزات الأمنية الكبيرة التي دفعت بها الحكومة إلى الإقليم إلا أن المعارك القبلية ظلت وتيرتها في ارتفاع مستمر، ولم تفلح مؤتمرات الصلح التي عقدت في تحجيم آلة القتل المتواصل، إذ كان لولاية غرب دارفور النصيب الأكبر في الصراع، حيث قتل حوالي 200 شخص ونزح الآلاف في نزاع دامٍ بمنطقة جبل مون، بجانب الاقتتال الذي شهدته منطقة كرينك بالولاية ذاتها. وانعكست الحالة العامة التي تشهدها البلاد وعدم الاستقرار السياسي والفراغ الدستوري، على مجمل الأوضاع لا سيما الأمنية، إذ أسهمت في حدوث فلتان هنا وهناك، لا سيما في مناطق الهشاشة، التي لا تزال تعاني آثار الحرب، في ظل جود أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ ونازح جراء الحرب في دارفور. ومما زاد الأوضاع سوءاً بجانب التردي الاقتصادي والتنافس حول الموارد بين المكونات القبلية، وعدم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية الذي نصت عليه اتفاقية جوبا للسلام، وهو البند الذي يعالج تعدد القوات والانتشار الكثيف للسلاح بأيدي المدنيين. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :