بكلٍّ تداوينا فلم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من البعدِ على أن قرب الدار ليس بنافعٍ إذا كان من تهواه ليس بذي ودّ وقال الراحل نزار: - وعن بساتين ليمونٍ، وعن حلُمٍ يزداد عنّي ابتعادا كلما اقتربا حميمية المكان تدعو – شعريا على الأقل – إلى تأمّل التناقض النصّي بين حب القرب وحب البعد أو تضاد بين ماهو مطلوب. وماهو غير مرغوب. ومفردات لغتنا أثرى معين بما أزعم. أرى - ويتفق معي بعض المتابعين - أن مسألة ما يسمّى تلاقح اللغات أمر لا جدال فيه. وبخاصة، وإلى حدّ بعيد، ما يتعلق بالعبارات الاصطلاحيّة، وهي العبارات ذات المعنى الذي لا يمكن أن يُستمد من مجرّد فهم الكلمات. فالبعد والقرب أوجدا في اللغة العربية تقاربا يكاد يكون سياقيّا. ولو أخذنا عبارة "مرمى حجر" على سبيل المثال لوجدنا عبارة Throw Stone بالانجليزية تتطابق معها حرفية ومعنى وترتيبا. وفي اللهجة المحكية في نجد نراهم وصفوا القريب بأنه "حلتة عصا" وقال عنه المصريون "فركة كعب". وإذا قيل عندنا في نجد "قريّب بدو" فعلى السامع ألا يتفاءل كثيرا بالقرب، لكون عرب الصحراء اشتهروا باستسهال الصعب مهما عظُم، والبعيد قريب مهما بعُد. وكلمة "القرب" محببة أكثر من كلمة "البُعد" فيما عدا "أجهزة التحكّم عن بُعد!" التي جاءتنا مع التقنية الحديثة، وأراحت الناس من الحركة الكثيرة، أو أنها زادت من أعراض السمنة!. وقبل أن أُنهي، تحضرني جملة مخادعة بعض الشيء، في الإنجليزية المصطلح يقول: - Far from the Truth وهي عبارة مهذّبة لما نريد أن نقول إنهُ: كذب. وقد نقلناها بكاملها إلى العربية، خصوصا في البيانات الرسمية "بعيداً عن الحقيقة" يعني بدل مانقول "كذّاب.. في عينك.. !" لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :