أكدت المحكمة الاتحادية العليا على مبدأ قانوني مفاده أن القاضي الذي يصدر الحكم أو يشارك في إصداره بإبداء الرأي يمتنع عليه أن يشترك في نظر الطعن على ذلك الحكم، مؤكدة أن هذا الحظر من المشرع قصد به سلامة أحكام الطعن بالاستئناف أو النقض من التأثر بالرأي السابق المبدى منه وتحقيقاً لغايات تعدد درجات التقاضي والطعن على الأحكام أمام المحاكم الأعلى التي تحاكم الحكم المطعون فيه لبسط رقابتها عليه من الناحية القانونية أو الواقعية وهو ما لا يمكن تحققه إذ اشترك ذات القاضي في ذلك الحكم، وأن مخالفة هذه القواعد يترتب عليها بطلان الحكم بطلاناً متعلقاً بالنظام العام تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها. ونقضت المحكمة حكماً قضى بالسجن المؤبد والغرامة على متهمين بالاتجار وتعاطي مخدرات، مقررة بطلان الحكم على سند أن القاضي رئيس الهيئة التي أصدرت حكم أول درجة هو ذاته القاضي الذي اشترك في إصدار حكم الاستئناف. وكانت النيابة العامة أحالت ثلاثة متهمين إلى المحاكمة موجهة إليهم ثلاث تهم حيازة مادة مخدرة (الحشيش) بقصد الاتجار وحيازة مؤثر عقل (أمفيتامين) بقصد الاتجار، ووجهت لأحدهم تهمة تعاطي المؤثرات العقلية، مطالبة بمعاقبتهم. وقضت محكمة أول درجة على المتهمين بالسجن المؤبد وغرامة 50 ألف درهم عن تهمة الاتجار، وبمعاقبة المتهم بالتعاطي بالحبس سنتين وغرامة 20 ألف درهم، وبراءة المتهمين الثاني والثالث من الاتجار في المخدرات، وإبعادهم جميعاً عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة، ومصادرة المضبوطات، وإلزامهم بالرسوم الجزائية المقررة، وأيدتها محكمة الاستئناف، ولم يلق الحكم قبولاً لدى أحدهم فطعن عليه، فقضت المحكمة الاتحادية العليا بنقض الحكم مع الإحالة. وقضت محكمة الإحالة بإلغاء الحكم الصادر بحق المتهم في ما قضى به بشأن عقوبة السجن عن التهمة الثانية (الاتجار في المؤثرات العقلية) والقضاء مجدداً بسجنه 10 سنوات وتغريمه 50 ألف درهم وتأييده في ما عدا ذلك، ولم يلقَ الحكم قبولاً لدى المتهم فطعن عليه مرة أخرى. وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم لاشتراك رئيس الهيئة التي أصدرته في الهيئة التي سبق أن أصدرت الحكم المنقوض. من جانبها أيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن النيابة، مؤكدة أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إجراءات التقاضي وقواعد إصدار الأحكام من أسس التنظيم القضائي التي يجب مراعاتها والالتزام بها لتعلقها بالنظام العام وتتصدى لها المحكمة من تلقاء نفسها، ومن المقرر بنص المادة 206 من قانون الإجراءات الجزائية أنه «يمتنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى ويمتنع عليه كذلك أن يشترك في الحكم في الطعن إذا كان الحكم صادراً منه». وذكرت المحكمة أن الثابت من أوراق الطعن أن القاضي رئيس الهيئة التي أصدرت حكم الاستئناف هو ذاته القاضي الذي اشترك في إصدار الحكم المنقوض، ما يعني اشتراكه في الحكم في الطعن على حكم صادر منه الأمر الذي يصم الحكم بالبطلان المتعلق بالنظام العام ما يعيبه ويوجب نقضه. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :