قناة السويس ذلك الشريان النابض في قلب مصر، الذي شهد وخلد أعظم ملحمة عسكرية عام 1973 أذهلت العالم ووقف أمامها قادة الجيوش الكبرى بانبهار وإعجاب لتصبح منهجا ثابتا في الكليات العسكرية تتحدث عن عظمة وشجاعة وذكاء المقاتل المصري، الذي عبر خط النار في 6 ساعات في معركة المستحيل ليحرر الأرض ويصنع المجد ويسطر التاريخ بفخر.يبدو أن هذا الشريان النابض لقلب مصر قد شاء القدير أن يرتبط اسمه بالعدد (6) في تحقيق الانتصارات، فبعد ملحمة أكتوبر التي شهدت أروع انتصار عسكري معاصر في ست ساعات على المحتل الإسرائيلي، شاءت الأقدار أن تشهد مرة أخري أروع انتصار اقتصادي وتجاري خلال الأيام الستة الماضية، إثر جنوح سفينة الشحن "إيفر غرين" في قناة السويس لتنتهي الأزمة بعملية التعويم الناجحة بسواعد وعقول أبناء مصر، الأمر الذي أذهل العالم مرة أخري بقدرة الشعب المصري على صنع المستحيل، هذا هو الشعب المصري فمن وسط الأزمات تولد الهمم. وبين ليلة وضحاها تحول الإعلام الدولي من انتقاد وهجوم على مصر إلى إشادة كبيرة وذهول بعد عملية تعويم السفينة الجانحة بقناة السويس، لتصف منصات الإعلام الدولية هذه البطولة بأنها أكبر عمليات الإنقاذ بالتاريخ الحديث وأن جيش العاملين بالقناة وقادة القاطرات والفرق الهندسية سابقوا الزمن في تحقيق هذه المعجزة وأن المصريين أثبتوا للعالم مرة أخرى أن القناة "رمزا للسيادة الوطنية".منذ 6 سنوات ركزت الإدارة السياسية والإرادة المصرية علي قناة السويس والاتجاه لتطويرها وعمل أعمال الربط بين الضفتين وفي تلك الفترة والمحنة وجدنا الكثير يتكلم ويتفلسف ويسكب السم قي الشائعات والأقوال والكل أصبح فاهم في الاستراتيجيات البحرية وفنيتها والاقتصادية والدولية دون أن ننتبه أو نلتفت إلي أفكار وتفكير الدول في استغلال هذه الأزمة والعب على عمل وخلق مسارات بحرية جديدة انتهازا لهذه المحنة.انتهز الجميع الأزمة لتحقيق مكاسبه الخاصة، لنجد اقتراح من دول مثل إسرائيل بقناة بن غوريون، والاتحاد السوفيتي قناة الشمال، ودولة الصين تركز على تسريع طريق الحرير، وإيران عمل خطوط سكك حديد، كان هذا بجانب ترقب كل دول العالم وخوفها علي حجم تجارتها واقتصادها ومصانعها المتوقفة على مدار هذه الأزمة التي استغرقت ساعات 144 ساعة، فقط ساعات والعالم كله اهتز.المصريون يا سادة، من 150 عاما تقريبا شقوا القناة مليون مصري عمل بها استشهد منهم حوالي 120 ألف، المصريون من 4500 سنة يصنعون المعجزات، بنوا الأهرامات وكانت هناك حضارة ومهندسين معماريين وأطباء وفلاسفة وعلماء في كل المجالات من طب وثقافة وفلك وهندسة وكان العالم يسكن في أكواخ في الجبال تحت الصخور والأشجار.نعم الفكر والعقل والإرادة المصرية، لابد وأن تقف وتنحني لها احتراما وتقديرا، مصر علمت العالم من ألاف السنين علوم الهندسة والفلك والطب وصنعنا المراكب من ألاف السنين ونركز علي الهندسة وصناعة السفن، نعم تخيل العظمة والحضارة نبني الأهرامات والمعابد العملاقة وباقي العالم من سكان الكهوف والأدغال وينامون في العراء.هناك عمل ليس ببعيد خط بارليف في حرب أكتوبر صنعته إسرائيل بتكلفه تقارب نصف مليار دولار وقيل من كل الدول إنه منيع وصعب اختراقه أو انهياره وسمي بخط بارليف المنيع الحصين ولتحطيمه يحتاج قنبلة نووية، المذهل كيف حطمه المصريون في 6 ساعات ليعبره جيش بكامل أفراده ومعداته وتسليحه كل ذلك في ساعات معدودة.ومن المعروف في العلوم والمدارس العسكرية أن نقل كتيبة عسكرية بمعدتها وأسلحتها يحتاج من 3 إلى 4 ساعات، لكن في حرب أكتوبر حقق المستحيل الذي لا تستوعبه النظريات والعقول العسكرية، لعبر الجيش المصري قناة السويس بـ 3 فرق عسكرية كل فرقة 3 لواءات وكل لواء 3 كتائب مع ظروف خط بارليف المنيع وتحدي فتحات النابلم لتعبر كافة المعدات العسكرية الخفيفة والثقيلة في 6 ساعات بالإصرار والعزيمة المصرية.وخلال أزمة السفينة الجانحة، هيئة قناة السويس بكل رجالها المصريون واصلوا العمل على حل الأزمة ليلا ونهارا دون أي مساعدات خارجية لتتوج بطولتهم بتعويم السفينة التى شغلت العالم وأصبحت محل اهتمام القيادات السياسية الدولية وحديث الساعة في وسائل الإعلام المختلفة، ليصنع الشعب المصري بطولة جديدة يقف لها شعوب العالم وقادته إجلالا واحتراما.مرة أخري تحية وطنية لرجال هيئة قناة السويس وكل مصري غيور على تراب وطنه، تحية وطنية من قلب مواطن مصري مرت عليه هذه الساعات وكما أنها حجر ثقيل على قلبه، نعم لهيئة قناة السويس لجائزة نوبل للاقتصاد.
مشاركة :