حجة واحدة يا محسنين!! | عبد الله منور الجميلي

  • 9/22/2015
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

الحَجُّ -وإنْ كانَ يتربعُ على مكانة عظيمة في الإسلام، باعتباره الرّكن الخامس من أركانه- إلاَّ أنّ فَرْضَهُ جاء لمَن استطاع إليه سبيلاً! فربنا المُشَرِّع عَزّ وجلَّ في عِلمه الذي لا يغيب عنه شيء، اطّلع على أحوال الناس، وأنّ طائفة من أمة الإسلام تذوب شوقًا لأداء ذلك النّسُك العظيم، ولكنّ ظروفها الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، أو حتى العوامل التنظيمية تَحُول بينها وبينه! ولذا كان التخفيف على أولئك الطيبين والمواساة لهم بِربط (الحَج) بالاستطاعة والقدرة بشتى صُورهَا! فحول العَالَم اليوم الكثير من المسلمين هَمّهم الوصول للأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ وفريق منهم يفنِي عمره بحثًا عن الوسائل التي تُقَرّبه من ذلك الحلم؛ وأهمها (المَال)، ثمّ الفوز باختياره ضمن حُجَّاج بلده إذا كان مِن دُوَل إسلامية ذات كثافة سكانية؛ ويتم التعامل معها بنظام النِّسبَة والتناسب التي أقِرِّت؛ نظرًا لكثافة أعداد الراغبين في الحج، ومحدودية مساحة وزمَان المشاعِر والمناسِك المقدسة!! ومَن قُدِّر لهم رؤية أولئك وهم يَنْزلون أرض الحَرمين الشريفين سوف تأسره وتَهزّ أركانه دموع الفرحة التي تُغرق ملامحهم البريئة، ونبضات السعادة والبهجة التي تسكن تفاصيل أجسادهم التي هَرِمَت، وهي تطلب (حَجّةً واحدة لاغير)!! ورغم تلك المواقف الإنسانية، والحاجة التي تَفرض (تَرك مساحاتٍ لأولئك الذين أضناهم الشوق بحثًا عن أداء الفريضة فقط) نجد بعض المواطنين والمقيمين وهم يُمارسون مُزاحَمَتهم بتكرار الحَجّ سنويًّا! وذلك بالقَفز على الأنظمة والقوانين؛ وكأنَّ هناك جائزة أو بطولة لأكثرهم حَجًّا، فمنهم مَن سمعته وشاهدته وهو يُفاخُر بذلك في المجالس والمنتديات!!. صَدقوني لا أتدخَّل في النوايا، والأحكام الشرعية في هذه المسائل أتركها لأهل العِلم والاختصاص؛ لكن ما أنا مُؤمن به أن هناك الكثير من الأبواب والمَسَارات لمَن هو صادقُ في طلب الأجر والمثوبة؛ ولعل منها إتاحة الفرصة لأولئك الذين لم يحجوا أبدًا، وعدم مزاحمتهم والتضييق عليهم، الذي يترتب عليه زِحَامٌ؛ قد ينتج عنه تدافع وإصابات واختناقات ووفيات لا قَدر الله!. وأذكر ممّا قرأتُ في هذا الميدان (ما نقله ابن مُفلح في الفروع أن الإمام أحمد بن حنبل سُئل: أَيَحجّ نَفْلاً أم يَصِلَ قرابته؟ قال: إنْ كانوا محتاجين يصلهم أحبُّ إليَّ)! أخيرًا كم أتمنى أن تُنَظّمَ حملة توعوية بهذا الخصوص، يُشارك فيها العلماء والدعاة، وتتبناها منابر المساجد ووسائل الإعلام؛ فشرط الاستطاعة في الحَجّ أراه يُقدم للمسلمين درسًَا في الإيثار وهَجْرِ الأنانية وحُبِّ الذَّات!. aaljamili@yahoo.com

مشاركة :