يناقش مجلس الشورى في جلسة الأحد القادم اقتراحا بقانون بتعديل نص المادة (21) من قانون محكمة التمييز، والمقدم من الأعضاء: دلال جاسم الزايد، علي عبدالله العرادي، جميلة علي سلمان، والذي يهدف إلى إلغاء النص على نظام العمل بغرفة المشورة لمحكمة التمييز، المعمول به مُنذُ عام 2014 بعد أن أظهر العمل العديد من العيوب وأوجه النقد لنظام غرفة المشورة. ورغم تحفظ وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، أيدت لجنـة الشؤون التشريعية والقانونية بالمجلس الاقتراح موضحة أن أسباب استحداث نظام غرفة المشورة بمحكمة التمييز بحسب ما أوردتها هيئة التشريع والرأي القانوني، تمثلت في سرعة الفصل في الطعون المقامة أمام محكمة التمييز ولتوفير جهد ووقت المحكمة للطعون ذات الأهمية، فلا يُهدر في الطعون المعنية شكلًا أو التي أُقيمت على أسباب غير جائزة أو على خلاف المبادئ التي استقرت عليها المحكمة في أحكامها، فقد تضمن التعديل أن تنظر المحكمة الطعون أولا في غرفة المشورة ولا تُحدد جلسة إلا للطعن الذي ترى جدارته للفصل في موضوعه، وعلى هذا فقد كان السبب الداعي لتقرير نظر الطعون في غرفة المشورة بمحكمة التمييز هو توفير وقت وجهد المحكمة للطعون ذات الأهمية. وأشارت اللجنة إلى أن تطبيق هذا النظام أظهر بعض المشكلات العملية المتمثلة في حرمان المدعي من بعض المبادئ المستقر عليها في محكمة التمييز، كما أصبحت غرفة المشورة في سبيل تحقيق ما أُنيط بها من أهداف تتدخل في الموضوع، كما اشتمل على إخلال بقواعد العدالة، وأضبح يوجد لدى المتقاضي شعور أن المحكمة لم تُقسط طعنه حقه من البحث والتمحيص والدراسة، وخاصة أن نظره يتم في جلسة سرية في غرفة المشورة وتُقرر معه قبول أو عدم قبول الطعن، ولا يخضع ما قد تقع به من خطأ لولاية محكمة التمييز عند نظر الطعن، كما هو معمول به في النظام السابق الذي كان أصوب في التطبيق وتحقيق العدالة لكافة الأطراف، ففي اجتماع غرفة المشورة يعرض القاضي المُقَرِر خُلاصة لموضوع النزاع، وما إذا كان الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية، ثم لأسباب الطعن، وبعد المداولة تصدر الغرفة قرارًا في الطعن. وأوضحت أن القرار الصادر عن غرفة المشورة بعدم قبول الطعن ينهي الخصومة، فإن القانون أوجب تسبيب القرار بشكل موجز، وغالبـًا ما يكون القاضي المقرر قد أعد مسودة بأسباب ومنطوق القرار، وتقتصر أسباب القرار على بيان أنه صدر بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة، ثم إشارة موجزة إلى المبررات الموجبة لعدم قبول الطعن، كسقوطه، أو بطلان إجراءات الطعن أو ابتناء الطعن على غير الحالات المحددة حصرًا في القانون، أو مخالفته لمبدأ سابق قررته محكمة التمييز، أو توافر حالة من حالات عدم جدارة نظر الطعن، ثم بيان منطوق القرار، الذي يصدر دائمـًا على نحو واحد، وهو «أمرت المحكمة بعدم قبول الطعن». وقالت اللجنة أن نظام غرفة المشورة يؤدي إلى الحد من دور محكمة التمييز في توحيد فهم النصوص القانونية وتطبيقها وتأويلها، إذ تقتصر قرارات غرفة المشورة على إشارة موجزة إلى مبررات القرار الصادر، بخلاف الحكم الذي يصدر من الدائرة والذي يتناول الرد على أسباب الطعن ردًا كافيـًا، يقتنع معه الطاعن بأن المحكمة تناولت أوجه طعنه بالبحث والتمحيص، فالثابت أن محكمة التمييز تُرسي مبادئ قانونية تَتَجَدَد بِتَجَدُد الموضوعات واختلافها، فيتم استحداث مبادئ جديدة يتمكن معها الخصوم من الركون إليها في كل جديد، كما يُعتبر بحث محكمة التمييز لموضوع كل مسألة على حدة إقرارًا لمبدأ جديد مُستَحدث على ضوء النصوص القانونية، أو تأكيدَ استمرار العمل بمبدأ قانوني سابق ومُستقر، وأن من شأن غرفة المشورة الحد من دور محكمة التمييز في إرساء المبادئ القانونية الجديدة والتي تُمثل مبادئ قانونية، وبالتالي ظهور ما يُمكن وصفه بالفقر القانوني، وهو ما يؤيد سلامة فكرة الاقتراح بقانون المعروض. وقالت اللجنة إن هناك صعوبة في تدارك تصحيح الخطأ الذي قد تقع فيه الغرفة، كما لو قررت عدم قبول الطعن لسبب شكلي تبين عدم صحته، مثل الحكم بعدم قبول الطعن لعدم إيداع سند وكالة المحامي رفق صحيفة الطعن، ثم تبين أن السند كان مودعـًا، وخاصة أن القانون لم يرسم طريقـًا لإصلاح وتدارك مثل هذا الخطأ، حيث يعتبر القرار الصادر في غرفة المشورة بعدم قبول الطعن، بمثابة حكم قضائي نهائي باتٍ، يُقطع في خصومة الطعن بالتمييز، شأنه في ذلك شأن الأحكام الصادرة عن محكمة التمييز في الموضوع، وهو غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، ويختلف عن الحكم القضائي، لأنه لا يلزم فيه سرد الوقائع، ولا إيراد أوجه الدفاع المقدمة من الخصوم، كما أنه لا يصدر في جلسة علنية، إذ خلت النصوص من الالتزام بهذه القاعدة، ولا تسري عليه القاعدة العامة في هذا الشأن، لأنه يستند إلى نصوص خاصة تتغاير مع طبيعة الأحكام، ولا تراعى في تسبيبه كافة قواعد تسبيب الأحكام، ويتضمن القرار إلزام الطاعن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة إن وجدت، وتصادر بموجبه الكفالة ويترتب عليه أن يصير الحكم المطعون فيه باتـًا. وأضافت أن اعتبار قرار غرفة المشورة بعدم قبول الطعن استنادًا لمخالفته لمبادئ سابقة للمحكمة كافٍ للرد على سبب الطعن المعروض، يؤكد أن القضاء البحريني يأخذ بالنظام الإنجلوسكسوني الذي يعتمد على السوابق القضائية، في حين أن القضاء البحريني يأخذ بالنظام اللاتيني الذي تحكمه النصوص التشريعية. كما أن المشرع لم يعتبر السوابق القضائية مصدرًا للتشريع، ويترتب على ذلك أن قرار غرفة المشورة بعدم قبول الطعون لمخالفتها للمبادئ السابقة للمحكمة يُعد مخالفة لمبدأ المساواة، فحق الطاعن في اقتضاء حقه والحصول على «العدالة القضائية» يكون مرهونـًا بغرفة المشورة التي من الممكن أن تفوت على الطاعن فرصة نظر طعنه – بقرار غير قابل للطعن- إن رأت عدم جدوى نظره استنادًا لمخالفة الطعن «للمبادئ السابقة للمحكمة» والذي لا يُعد أساسـًا تشريعيـًا لعدم قبول الطعن ابتداءً، مِما يُعد إخلالا بمبدأ المساواة وإهدارًا للعدالة القضائية، كل ما تقدم يـُعد عيوبـًا جوهرية في نظام غرفة مشورة محكمة التمييز، تعمل على تفويت فرصة الطعن على المتقاضين دون سند قانوني، وتخل بمبدأ المساواة بين المتقاضين. وأكدت اللجنة أن بسط رقابة محكمة التمييز على الأحكام الصادرة وما قد يكتنفها من خطأ في تطبيق القانون أو إخلال بحق الدفاع أو قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، هو ما يُحقق فِعلا ماكفله دستور مملكة البحرين من تحقيق العدالة وكفالة حق التقاضي للكافة، ولايُمكن أن تكون السرعة في التقاضي أو قصرها على إجراءات معينة تحقيقـًا لهذا الهدف على حساب تحقيق العدالة. فيما أعرب وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة تحفظه على الاقتراح بقانون، وأبدى عدم الموافقة عليه، وأفاد أن نظام غرفة المشورة ما زال نظامـًا جيدًا، وما هو موجود في الواقع الفعلي يمثل بعض المشكلات العملية، والتي يمكن تلخيصها بشيئين أساسيين أولهما رغبة الطاعن في معرفة أسباب الرفض، وثانيهما، كيف يمكن تدارك حالات الخطأ. مؤكدًا أن هناك مشاكل مرتبطة بالواقع العملي من الممكن العمل على تطويرها، ومشيرًا إلى أن غرفة المشورة إذا ما أصدرت قرارًا في التمييز الجنائي جاز إعادة النظر في القرار، أما في التمييز المتعلق بالقضايا المدنية والتجارية فلا يجوز إعادة النظر. وأكد الوزير أنه بالإمكان معالجة أي قصور معالجة قانونية أخرى بعيدًا عن الإلغاء، كما أشار إلى الاحتفاظ برد الوزارة مكتوبـًا لحين صياغة الاقتراح بقانون كمشروع قانون. فيما رأت جمعية المحامين البحرينية أن هناك إجماعـًا من قبل المحامين بتأييد ما هدف إليه الاقتراح بقانون، إذ سيؤدي التعديل المقترح إلى تحقيق الضمانات القانونية والقضائية، وبالتالي يحقق للخصوم الحصول على أحكام قضائية مكتملة الأركان، تصدر وفق المبادئ والأحكام المستقرة قضاءً، والتي من أهمها المواجهة كركيزة من ركائز التقاضي. واعتبرت أن نظام غرفة المشورة المطبق منذ عام 2014م أثر على حقوق المتقاضين ونال من الضمانات القضائية المقررة بموجب الدستور، وحرمهم من بعض المبادئ المستقرة، إذا أصبحت غرفة المشورة تتدخل في الموضوع بخلاف ما هو مقرر في القانون الذي حصر اختصاصاتها بالنظر في الطعون من الناحية الشكلية والإجرائية دون المضمون، إضافة إلى أن القرار الصادر عن غرفة المشورة يصدر بتسبيبٍ مقتضب قد لا يتناول كل جوانب الطعن، مما قد يقع معه في مغبة الخطأ، ولا سيما أن قرارها يكون باتـًا ونهائيـًا لا يقبل الطعن عليه أو إعادة النظر فيه.
مشاركة :