أسوار قلب الوطن - نجوى هاشم

  • 9/24/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يتزامن هذا العام اليوم الوطني مع موسم الحج والذي تغتسل فيه آسوار قلوب الحجاج القادمين من آطياف الأرض بالإيمان.. والسعادة.. وهم في بيت الله يؤدون شعيرتهم بأمان واطمئنان.. وسكينة وحفاوة بالغة.. توفرها الدولة منذ عشرات السنين وتسخر كل طاقاتها المدنية والعسكرية من أجل راحة الحجاج وسلامتهم ومساعدتهم ليؤدوا نسكهم بأكبر قدر من التسهيلات ويصلوا إلى بلدانهم سالمين..! يحل موسم الحج كعادته والاستعدادت له تتصاعد كما هي العادة كل عام.. وتتطور الخدمات وتزداد الإمكانيات من خلال استفادة الدولة بكافة قطاعاتها من الأخطاء ومن تراكم التجربة كل عام بحيث يتم الاستعداد للعام القادم بمجرد الانتهاء من حج هذا العام وتقييم المناسبة.. يحل هذا الحج ونحن نعيش حالة مختلفة من حالات الوطن.. ولكن لا يمكن للأوطان أن تفصل حالاتها عن بعضها.. وأن تؤجل مناسباتها من أجل التأمل فيما يجري.. يحل الحج كعادته ونحن أيضاً كوطن نستقبله كما يليق بحجاج بيت الله الحرام وما يستحقونه من حفاوة واهتمام.. يحل الحج وجنودنا البواسل يدافعون عن حدودنا الجنوبية بكل بسالة وبطولة.. يأتي الحج ونحن ندافع عن مواقعنا وعن أرضنا وعن ذلك الوعي الذي نستشعره وهو أننا لابد أن نشترك في حصد الضوء للدفاع عن أوطاننا.. وحمايتها.. ومع ذلك ومع هؤلاء الجنود البواسل الذين يدفعون أرواحهم في أرض الشرف ظل موسم الحج كما هو وكما اعتاده الحجيج من الرعاية والحماية وتسخير كافة الإمكانيات من أجل راحة كل حاج والحفاظ على سلامته.. وظلت جموع القوات الداخلية في خدمة هذا الحاج بمتعة هذا الشرف والفرح به..!! ولعله من المرات القليلة التي يتصادف فيها موسم الحج مع اليوم الوطني.. وهو اليوم الذي نستعيد فيه أمجاد هذا الوطن وتلك الحكايات التي طالما شكلت بحثاً ونقاشاً.. وعظمة المؤسس الملك عبدالعزيز.. وهو يجمع أشتات قارة رغم تعقيد الأمر وصعوبته لتصبح هذا الوطن المشرق الذي حفر مكانه ومكانته على الساحة الدولية.. نحتفل باليوم الوطني هذا العام مع الحج مع عاصفة الأمل والتي من خلالها يدافع الوطن عن كيانه وعن رؤيته ويطرح أسلوبه وقيمته الحقيقية التي ترسخت منذ التأسيس..! وطن آمن من العدو وآمن من المكائد وآمن من المخاوف نعيش فيه ونحلم أن يبقى كماهو.. وطن يمتد أفق الأمل به كلما حاولنا الاقتراب ازداد المدى.. وطن يجمعنا ويوحدنا من أقصى الحدود جيزان ونجران هذه المناطق الباسلة والصامدة إلى أقصى حدود الشرقية وتبوك وامتداد الحجاز.. وطن حرّ لا يسمح لمن يحاول أن ينثر النسيم عليه ببلادة لأنه سيحوله عليه إلى ريح عاصفة ومزلزلة تقتلعه هو ومن معه.. وطنٌ لا ينكفئ على داخله خوفاً وبحثاً عن الأمان بل يفتح أبوابه بشهادات الآخرين ليرسّخ قاعدة الأمان ويشكّل منها طرائق للحياة الهانئة.. وطنٌ يطوف بصورته وتفيض قيمتها ولكن عليك أن تحاول أن تضعه في الظل حتى لا تحرقه شمسك الوهمية..!! وطنٌ حاضر دوماً لا يمكنك أن تختصر حقائقه في كلمات..أو تقسّم مراحله إلى أجزاء لأنّ كل مرحلة شاهدة بإنجازاتها ومسارها الذائع الصيت.. وطن لا يحتاج أن تُتوج مساراته بحروف لأنّ هذه المسارات تندرج تحت مسمى الآدبيات السائدة.. وطن صامد رغم كل تلك الثورات والتغيرات الجذرية التي ظهرت وسادت في العالم العربي على مدى الخمس سنوات الماضية وما تداخل مع هذه السنوات من غليان وتأجج صراعات وانفجارات مسلحة مخيفة دمرت الشعوب وسلبت ثرواتها وأضاعت هويتها وتحولت معها بعض الدول إلى كنتونات صغيرة تحكم طائفياً وليس لمصلحة الدولة..! وطنٌ آمن يستشعر به المواطن البسيط قبل الغني يأسره الأمان وهو الوجه الأول للحياة الكريمة.. وطنٌ مطمئن تنام فيه دون خوف على أطفالك أو أسرتك وتعود فيه منتصف الليل دون أن يعترضك أحدهم أو يسطو عليك.. وطنٌ يتناغم وينسجم أفراده ويتحدون من أقصى الجنوب لأقصى الشمال على وحدته والوقوف في وجه العدو ومحاربته.. وطنٌ تحمله تلك النظرة الاستشرافية دوماً إلى الأمام وإلى المستقبل..!! حمى الله الوطن من كل شر.. وحمى الله جنودنا البواسل على الحدود ونصرهم.. وأعادهم سالمين إلى أسرهم. حمى الله الوطن من المتربصين به والباحثين عن ثغرات للنفوذ داخله.. وحج مبرور وسعي مشكور للحجاج. وكل عام وأنتم بخير. وكل عام والوطن بخير يحاصره ضوء الوحدة.. وآفاقه المشرعة على الحلم والتنوير واستنهاض مزيد من الفهم لقيمة الوطن والحفاظ على مقدراته.. !!

مشاركة :