اكتمل (بين السماء والأرض) ليشغل المساحة المتبقية من رمضان (كوفيد 25)، رافعًا شعار 15 حلقة تكفى وزيادة. التناقض، هو المفتاح، الدمعة والضحكة، الإيثار والأنانية، التسامح والانتقام، الموت والحياة، كل هذه المعانى تتجسد فى عدد من الساعات، تعطل خلالها المصعد، فكان أمام كل منهم، شىء واحد ممكن وهو أن يستعيد حياته، لنكتشف أنها فى جانب منها تتقاطع مع عدد من الشخصيات داخل وخارج المصعد. أحمد بدير أكبرهم سنا، ومع اقتراب النهاية تنتهى أيضا حياته، بينما نوران الممنوعة أساسا من الإنجاب حرصا على حياتها تلد طفلا ليظل العدد كما هو أحدا عشر إنسانا، دخلوا المصعد فى البداية، مشيرا إلى استمرار الحياة، رغم حتمية الموت. المخرج محمد جمال العدل (ماندو) يضع على (كادر) البداية صورا لكل من صلاح أبو سيف ونجيب محفوظ وعاطف الطيب ورضوان الكاشف ومحمد خان والسيد بدير، وغيرهم من المبدعين الذين أراد المخرج أن يقول لهم جميعا شكرًا، سواء أكان لهم علاقة بالفيلم الأصلى أم لا، وأضاف أيضا اسم الموسيقار بليغ حمدى، لتصبح كل حلقة تحمل اسما لأغنية من تلحينه، وأطلق على الحلقة الأخيرة عنوان (فات الميعاد) لأم كلثوم، بعد أن أوحى بتلك النهاية المأساوية للجميع. الفيلم القديم، لا تخلو منه قائمة الأفضل مصريا وعربيا، رغم مضى أكثر من 60 عامًا على إنتاجه، القصة لنجيب محفوظ، شارك السيد بدير فى كتابة الحوار، وصلاح أبو سيف السيناريو، الفكرة تحمل قدرا من المغامرة، الدراما قائمة على الانتقال فى الزمان والمكان، بينما الخط العام، يستند على تقييد الناس داخل مصعد ليضيق تماما المكان، ويصبح الزمن الواقعى هو الزمن الدرامى. شاهدنا العديد من التجارب المماثلة السابقة واللاحقة، لعل أشهرها تاريخيا الفيلم البريطانى الذى اقتنص الأوسكار نهاية الأربعينيات (اثنا عشر رجلًا غاضبًا) إخراج سيدنى لوميت. الدراما التليفزيونية تضع المخرج فى تحد أكبر، زمن الفيلم عادة لا يتجاوز الساعتين، بينما المسلسل يربو على ثمانى ساعات، السيناريو الذى كتبه إسلام حافظ، اتكأ إلى أن كل شخصية تستعيد حياتها، وأن نرى أيضا علاقات سابقة بين الشخصيات داخل المصعد. جاء فى النهاية المشهد الذى يمس القلب، لحارس العقار محمود البزاوى الذى يقول، إنه مثل هؤلاء يعيش فى نفس المساحة فى (البدرون) مع أسرته 10 سنوات، ولم يهتم أحد. لن تعثر فى رسم الشخصيات داخل المصعد وبنسبة كبيرة إلا على كل ما هو متكرر ومحفوظ ومعلوم، الكاتب إسلام حافظ لم يضف بخياله الكثير، شاهدنا العديد من الشخصيات الأرشيفية. المخرج (ماندو) مع المونتيرة رانيا المنتصر بالله، منحا الصورة قدرًا من التنوع، الانتقال بين الشخصيات فى تلك المساحة الضيقة يحتاج إلى رهافة إبداعية، والكاميرا تُطل من أعلى أحيانا لتظهر ضعف الشخصيات، أو وهى تقتنص لقطة لوجه أو حركة يد أو نظرة عين، تقول الكثير وبلا ثرثرة، كما أنه حافظ على خط المقاومة الذى كان، بين الحين والآخر يصل لشاطئ اليأس. إلا أن هذا لا يعفيه من المسؤولية عن سيناريو معلب سابق التجهيز الدرامى فى العديد من مشاهده، ويبقى بليغ حمدى الذى تصدرت كل حلقة اسما لواحدة من أغنياته، بليغ يستحق قطعا رؤية أعمق من مجرد عناوين أغانيه. [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :