منذ بداية حورية فرغلى قبل نحو 10 سنوات، وأنا أراها مشروعًا لنجمة قادمة، أجرت جراحة فى أنفها فلم تعد ملامحها كما ألفناها، لا يهم سواء أجرتها بعد سقوطها من على الحصان أثناء التدريب كما تقول هى، أو كما هو شائع ومتداول، لأنها اعتقدت مثل قسط وافر من النساء، أنها سوف تضفى عليها جمالًا وجاذبية. التغيير الذى حدث بيد الجراح لم يكن أبدًا لصالحها، التقيتها قبل عامين فى مهرجان (مالمو) بالسويد، وجرى بيننا حوار عابر، ولاحظت إلى أى مدى تتمتع بصدق وعفوية وتلقائية، صفات باتت نادرة جدًّا بعد أن أصبح التصنع هو العنوان. قبل رحلتها الأخيرة إلى أمريكا لإصلاح ما أفسده أكثر من جراح محلى، كتبت على مواقع التواصل الاجتماعى لتكشف قسوة الوسط الفنى، فهى لم تعد تستمع إلى رنين التليفون، لا أحد يطلبها من شركات الإنتاج ولا حتى الأصدقاء!. الآن عادت إلى ملامحها التى عرفناها، فهل سيعاود التليفون الرنين؟ الحياة قطعًا بها قسوة، ولا ننتظر جرعات مجانية من الدفء والحنان، تذكروا قصة يوسف السباعى (أرض النفاق) التى تحولت إلى فيلم سينمائى فى الخمسينيات، وأعيد فى الستينيات ولعب بطولته فؤاد المهندس، وقبل بضع سنوات شاهدناها فى مسلسل تليفزيونى بطولة محمد هنيدى، جاءت نهايتها لتؤكد أن النفاق سيستمر، المثل الشهير يقول (كلب العمدة مات ذهب الجميع لتقديم واجب العزاء، مات العمدة، لم يأت أحد)، النفاق هو الوجه الآخر للتجاهل، نافقوا العمدة عندما مات كلبه، فمن ينافقون بعد موت العمدة؟. مع سقوط فنان، أجد أن الزملاء عادة ينسحبون، كم قرأنا لنجوم مثل الراحلين العزيزين، جورج سيدهم والمنتصر بالله، بعد أن أقعدهما المرض، وهما يتساءلان: أين الأصدقاء؟ تابعنا فنانًا قديرًا بحجم عبد الرحمن أبو زهرة وهو يبث شكواه عبر الفضائيات فى رمضان الماضى، مؤكدًا أن ما يعرض عليه مجرد أدوار هامشية لن يرضى أبدًا بها. قالت لى الفنانة الكبيرة سناء جميل قبل رحيلها ببضع سنوات إنها تواصلت مع المسؤولين عندما وجدت أنها أصبحت خارج الخريطة، فلم يتحرك أحد، طلبت من عادل إمام وأحمد زكى أن تشاركهما البطولة، وهو بالفعل ما حققه لها أحمد زكى بفيلمى (سواق الهانم) و(اضحك الصورة تطلع حلوة). الفنان يعانى التجاهل عندما يمضى به قطار العمر، أو عندما يفقد لياقته الإبداعية، ولكن من الممكن أيضًا أن نجد فنانًا فى عز العطاء ولسبب أو لآخر صار خارج نطاق الخدمة. نتذكر الرسالة الحزينة التى كتبها إسماعيل ياسين على صفحات الجرائد نهاية الستينيات مستجيرًا بالدولة، طالبًا للعمل رغم أن أفلامه التى لعب بطولتها فى الأربعينيات والخمسينيات حققت أعلى إيرادات فى تاريخ السينما، ومات إسماعيل بحسرته بعدها بسنوات قليلة. عبد الفتاح القصرى عاش أواخر أيام عمره فى (بدروم)، يقتات من المارة قوت يومه بعد أن أصيب بفقدان الذاكرة، فاطمة رشدى التى أطلقوا عليها (سارة برنار الشرق) كثيرا ما كانت تشكو من العوز، عماد حمدى قال فى آخر حوار تليفزيونى إن معاشه من نقابة الممثلين لا يكفيه لشراء سجائره. الحياة قاسية هذه حقيقة، ومن خلال رصدى للكثير من الوقائع، أقول إن الوسط الفنى هو الأشد قسوة، عادت حورية إلى غابة الشياطين. [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :