أوردت صحيفة «عكاظ» (15 سبتمبر 2015) خبرًا بعنوان: «الصحة تتّجه لإبعاد الأطباء عن الأعمال الإدارية»، وأوردت نسبة لمصادر: «أن الأعمال الإدارية من الممكن أن يقوم بها شخص إداري متمكّن غير الطبيب»!!. وللوهلة الأولى يبدو توجّه وزارة الصحة منطقيًّا، لكن للمتمعّن في واقع الحال أقول: الطبيب الاستشاري بوصفه المهني، ليس قاصرًا عن استخدام قدرته الفكرية لتتوافق مع البيئة العمليّة والمتغيّرات المستمرة، فدراسة الطب -بحد ذاتها- ترتكز على إدارة المعلومات والأوّليّات وتنظيمها، وفن التعامل مع المريض وذويه ومشكلاته الصحية وغير الصحية، وحُسن التصرّف في مواقف مصيرية، فعدد من القرارات الإنسانية التي يتخذها الطبيب الاستشاري بشكل يومي هي قرارات إدارية لا يمكن فصلها عن الأمراض العضوية، وليست تنفيذًا أعمى للارشادات الصحيّة، بل اجتهاد الطبيب فيها أمر أساس. من المَعيب أن يُحاول بعضهم تحجيم دور الطبيب الاستشاري واتّهامه بضعف قيامه بدوره الأساس في المنظومة الإدارية للمنشأة الصحية، ولعلّ هذا يصب في مصلحة بعض المُتنفذين بتهميش دور الأطباء الاستشاريين بشكل مُمنهَج، وإبعادهم عن قرارات وظيفية إدارية ترتبط مباشرة بتخصصاتهم العلمية، ومُحاولة تجريدهم من مقدّراتهم الفكرية وأدوات إبداعهم. وهنا أتساءل: لماذا لا يكون مديرو المدارس من غير المُعلّمين، وعميدو الجامعات والكلّيات من غير الأكاديميين، ورؤساء الشركات الهندسية والبترولية من غير المُهندسين، حتى يتفرّغ المعلمون والأكاديميون والمهندسون لوظائفهم، ويتركوا إدارة مؤسساتهم ومهنهم المتخصصة لإداريين غير مهنيين ولا متخصصين؟. ولا أعفي عددًا من الأطباء الفاشلين إداريًّا من مسؤوليتهم بالتسبب في الإساءة لصورة الطبيب، لكني ألوم منظومة الإدارة في معظم المؤسسات الصحيّة لاعتمادها معايير شخصية فاسدة في تولية أطباء مناصب إدارية مُتقدّمة، دون إتقانهم فنون الإدارة الطبية من خلال دورات وشهاداتٍ مُعتمَدة، فالطبيب الاستشاري المتمكّن إداريًّا، الأقدر بمرجعيته العلمية والمهنية والفكرية على إدارة قسمه الطبي ومنشآته الصحية، بحسب تقارير علمية. وأخيرًا أدعوكم للتمعّن في خبر نشرته صحيفة الوطن (25 سبتمبر 2012): «كشفت دراسة علمية أن (90%) من مديري مستشفيات وزارة الصحة في المملكة لا يحملون مؤهلاً دراسيًّا في تخصص الإدارة الصحية، فيما يحمل (34%) منهم مؤهلاً «أقل من البكالوريوس»!! في حين يرى (89%) من مديري المستشفيات أنهم قادرون على قيادة الدفة الإدارية بالخبرة والممارسة وليس بالمؤهّل»!!. abkrayem@gmail.com