احترام التعددية الثقافية

  • 7/1/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استيعاب المُكونات الثقافية المختلفة مهمة صعبة حتى على كبار الأدباء والمثقفين. على الإنسان أن يكون صاحب خيال واسع، لا أن يحبس فكره في سجون ذهنية تقليدية. فما بالكم بمن يحاربون التعددية الثقافية؟ بدون مقدمات، تم مؤخراً تعديل نظام المطبوعات والنشر. تم (الفسح) الفوري للمؤلفات، أو في حقيقة الأمر (فسح) للعقل بدون تعطيل أو تأجيل. كم كان محزناً إضعاف إحساس المثقفين والفنانين، وكم هو جميل نفض معظم إدعاءات وتراكمات الصحوة. الحداد لفترات طويلة على الرسم والنحت والمسرح وحتى على الترانيم الموسيقية تجربة أليمة. تلاطمت الأفكار الأحادية وتصارعت التوجهات بين تحليل واستيعاب الفنون الجميلة أو تحريم كل شئ. مرت فترة طويلة منذ بدء المواجهات اليومية، إلى الانطلاق بعيداً عن “المحظور” الذي استوعبه الفكر السليم. إطلاق خدمة الفسح الفوري المباشر للمطبوعات الخارجية الإلكترونية وإتاحتها للقطاع الخاص والعام، تعبير عن رفض الدولة أن تبقى الشعوب رهينة الانغلاق والانكفاء. لم يعد الكاتب محاصراً بين المنع أو النشر، ولم يعد القارئ محاطاً بالتوقعات. التعديل في نظام المطبوعات ذكر أن السعودية من أوائل الدول على مستوى المنطقة التي تقدم خدمة الفسح المباشر للقطاع الخاص للمحتوى المقروء. عندما قمتُ بإعادة نشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي، استفسر أحد المتابعين (وهو استفسار مشروع) عن سبب منح المنشور الخارجي الفسح الفوري، بينما لم يُذكَر المنشور السعودي من قريب أو بعيد. هنا أيضاً امتلك المواطن القدرة والحرية في التعبير عن رأيه بين ثنائيات التجاوب أو الرفض. المتوقع أن يبلغ عدد فسوحات العام الأول من إطلاق خدمة الفسح الفوري على المطبوعات من الخارج 300 ألف عنوان. إلا أن علامة استفهام كبيرة مازالت تحوم حول مُكونات هذه المطبوعات الثقافية. كذلك تكاد تهيمن النظرية الإيجابية أن الفسح الفوري سيساهم في الحد من القرصنة والتحايل و”تسرّب” المستخدمين إلى المتاجر العالمية. ظهور تشكلات ثقافية حديثة متمازجة في السعودية أمر غير مستغرب، بل دليل على احترام التعددية الثقافية. القارئ السعودي يقرأ ويتفاعل بعفوية وإحساس بالذات، ولهذا السبب يمكن للصياغة الأدبية “المحترمة” أن تكون أسلوباً لتحريك الناس. لم تعد تُغَلِف المكتبات ودور النشر هالة من الممنوعات الحتمية، فالمواطن قادر على مزج رحابة الفكر وحساسية العصر. المتوقع أن سياسة الفسح الجديدة ستتيح للجميع متابعة ما يُنشر في حينه وبالتزامن مع صدور الكتب والمطبوعات والمحتوى المقروء بشكل عام. لنبتعد قليلاً عن القلق والتجريد، لا يمكن للقارئ أن يعيش بمعزل عن الآخرين. أكاد أجزم، مع عدم نيتي الدخول في جدل استقطابي، أن القراءة تساعدنا على جمع شتات أنفسنا والإبحار في مساحات ممزوجة بتوقعات النهايات الجميلة. التعديلات الجديدة على اللائحة ترفع سقف الحرية والمسؤولية الذاتية، ضد متاريس الرقابة وغزوات (الأوصياء) والتشدد والتضييق. هذا هو طريقنا لتأسيس إطار التعددية الثقافية والإنفتاح على العالم.

مشاركة :