أهـمـية احـترام الـتـعددية الثقافية

  • 7/4/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إن‭ ‬استيعاب‭ ‬المُكونات‭ ‬الثقافية‭ ‬المختلفة‭ ‬مهمة‭ ‬صعبة‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬كبار‭ ‬الأدباء‭ ‬والمثقفين‭. ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صاحب‭ ‬خيال‭ ‬واسع،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يحبس‭ ‬فكره‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬ذهنية‭ ‬تقليدية‭. ‬فما‭ ‬بالكم‭ ‬بمن‭ ‬يحاربون‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭!‬ من‭ ‬دون‭ ‬مقدمات،‭ ‬تم‭ ‬مؤخراً‭ ‬تعديل‭ ‬نظام‭ ‬المطبوعات‭ ‬والنشر‭ ‬في‭ ‬السعودية‭. ‬وجرى‭ ‬اعتماد‭ (‬الفسح‭) ‬الفوري‭ ‬للمؤلفات،‭ ‬أو‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ (‬فسح‭) ‬للعقل‭ ‬بدون‭ ‬تعطيل‭ ‬أو‭ ‬تأجيل‭. ‬كم‭ ‬كان‭ ‬محزناً‭ ‬إضعاف‭ ‬إحساس‭ ‬المثقفين‭ ‬والفنانين،‭ ‬وكم‭ ‬هو‭ ‬جميل‭ ‬نفض‭ ‬معظم‭ ‬ادعاءات‭ ‬وتراكمات‭ ‬المرحلة‭ ‬السابقة‭.‬ الحداد‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬الرسم‭ ‬والنحت‭ ‬والمسرح‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬الترانيم‭ ‬الموسيقية‭ ‬تجربة‭ ‬أليمة‭. ‬تلاطمت‭ ‬الأفكار‭ ‬الأحادية‭ ‬وتصارعت‭ ‬التوجهات‭ ‬بين‭ ‬تحليل‭ ‬واستيعاب‭ ‬الفنون‭ ‬الجميلة‭ ‬أو‭ ‬تحريم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭. ‬مرت‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬المواجهات‭ ‬اليومية‭ ‬إلى‭ ‬الانطلاق‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المحظور‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬استوعبه‭ ‬الفكر‭ ‬السليم‭.‬ إطلاق‭ ‬خدمة‭ ‬الفسح‭ ‬الفوري‭ ‬المباشر‭ ‬للمطبوعات‭ ‬الخارجية‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وإتاحتها‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والعام،‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬الدولة‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬الشعوب‭ ‬رهينة‭ ‬الانغلاق‭ ‬والانكفاء‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الكاتب‭ ‬محاصراً‭ ‬بين‭ ‬المنع‭ ‬أو‭ ‬النشر،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬القارئ‭ ‬محاطاً‭ ‬بالتوقعات‭. ‬التعديل‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬المطبوعات‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬خدمة‭ ‬الفسح‭ ‬المباشر‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬للمحتوى‭ ‬المقروء‭.‬ عندما‭ ‬قمتُ‭ ‬بإعادة‭ ‬نشر‭ ‬الخبر‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬استفسر‭ ‬أحد‭ ‬المتابعين‭ (‬وهو‭ ‬استفسار‭ ‬مشروع‭) ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬منح‭ ‬المنشور‭ ‬الخارجي‭ ‬الفسح‭ ‬الفوري،‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يُذكَر‭ ‬المنشور‭ ‬السعودي‭ ‬من‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬بعيد‭. ‬هنا‭ ‬أيضاً‭ ‬امتلك‭ ‬المواطن‭ ‬القدرة‭ ‬والحرية‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬بين‭ ‬ثنائيات‭ ‬التجاوب‭ ‬أو‭ ‬الرفض‭.‬ المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬فسوحات‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬خدمة‭ ‬الفسح‭ ‬الفوري‭ ‬على‭ ‬المطبوعات‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬عنوان،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تساؤلات‭ ‬وتوقعات‭ ‬حول‭ ‬مضمون‭ ‬هذه‭ ‬المطبوعات‭ ‬الثقافية‭. ‬كذلك‭ ‬تكاد‭ ‬تهيمن‭ ‬النظرية‭ ‬الإيجابية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفسح‭ ‬الفوري‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬القرصنة‭ ‬والتحايل‭ ‬و«تسرب‮»‬‭ ‬المستخدمين‭ ‬إلى‭ ‬المتاجر‭ ‬العالمية‭.‬ ظهور‭ ‬تشكلات‭ ‬ثقافية‭ ‬حديثة‭ ‬متمازجة‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مستغرب،‭ ‬بل‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭. ‬القارئ‭ ‬السعودي‭ ‬يقرأ‭ ‬ويتفاعل‭ ‬بعفوية‭ ‬وإحساس‭ ‬بالذات،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬يمكن‭ ‬للصياغة‭ ‬الأدبية‭ ‬‮«‬المحترمة‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أسلوباً‭ ‬لتحريك‭ ‬الناس‭.‬ ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تُغَلِف‭ ‬المكتبات‭ ‬ودور‭ ‬النشر‭ ‬هالة‭ ‬من‭ ‬الممنوعات‭ ‬الحتمية،‭ ‬فالمواطن‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬المزج‭ ‬بين‭ ‬رحابة‭ ‬الفكر‭ ‬وحساسية‭ ‬العصر‭. ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬الفسح‭ ‬الجديدة‭ ‬ستتيح‭ ‬للجميع‭ ‬متابعة‭ ‬ما‭ ‬يُنشر‭ ‬في‭ ‬حينه‭ ‬وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬صدور‭ ‬الكتب‭ ‬والمطبوعات‭ ‬والمحتوى‭ ‬المقروء‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬ لنبتعد‭ ‬قليلاً‭ ‬عن‭ ‬القلق‭ ‬والتجريد،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للقارئ‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬الآخرين‭. ‬أكاد‭ ‬أجزم،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬نيتي‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬جدل‭ ‬استقطابي،‭ ‬أن‭ ‬القراءة‭ ‬تساعدنا‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬شتات‭ ‬أنفسنا‭ ‬والإبحار‭ ‬في‭ ‬مساحات‭ ‬ممزوجة‭ ‬بتوقعات‭ ‬النهايات‭ ‬الجميلة‭.‬ التعديلات‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬اللائحة‭ ‬ترفع‭ ‬سقف‭ ‬الحرية‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الذاتية،‭ ‬ضد‭ ‬متاريس‭ ‬الرقابة‭ ‬ومزاعم‭ (‬الأوصياء‭) ‬والتشدد‭ ‬والتضييق‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬طريقنا‭ ‬لتأسيس‭ ‬إطار‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬العالم‭.‬ { كاتب‭ ‬سعودي‭.‬

مشاركة :