استثمارات حكومية عقارية مهدرة - خالد عبدالله الجارالله

  • 10/11/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

الفكر الاستثماري الناجح يعتمد على عناصر منها الفكر الإداري والاستراتيجي ثم القدرة على إدارة الأموال واستثمار الفوائض في مشاريع ذات عوائد مجزية وآمنة وأخيرا الفكر التسويقي الذي يتلاءم مع طبيعة النشاط. لو نظرنا الى القطاع الخاص لوجدنا ان معظم إيرادات الاستثمار لفوائضه المالية تأتي من الاستثمار في العقار كالأراضي والمشاريع التجارية والسكنية. وغالبية التجار أفرادا ومؤسسات في قطاع الغذاء والصناعة والخدمات لديهم استثمارات عقارية استفادوا منها طوال عقود حتى تنامت ثرواتهم لدرجة ان بعضهم أنشأ ذراعا استثمارية لأعماله على شكل إدارة أو شركة عقارية، حتى البنوك وشركات التمويل تستثمر بعض فوائضها في السوق العقاري كأصول ثابتة في الأراضي التي تحتفظ بها حتى ترتفع قيمتها السوقية، أو في المشروعات التجارية التي تدر عليها عوائد سنوية ثابتة من الإيجارات مع الاحتفاظ بها كأصول. في القطاع الحكومي نجد أن بعض المؤسسات والصناديق تفتقد الى المرونة والاحترافية في إدارة استثماراتها مما يوقعها في مشاكل وأزمات قد لا تظهر نتائجها مباشرة ولكنها تتراكم حتى تصل الى مرحلة يصعب علاجها. من الأمثلة ما يحدث حاليا للمؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية والأولى تشتكي من استنزاف التقاعد المبكر لمواردها، وتبحث عن حلول لتغطية عجوزات حسابات التقاعد. المشكلة ليست في النظام الذي وضع منذ عقود ووجب تحديثه وتطويره بشكل دوري ولكن المشكلة في عدم القدرة على إدارة استثمارات هذه المؤسسات بشكل احترافي ومهني بعيدا عن البيروقراطية والدخول في استثمارات ذات مخاطر عالية مثل الصناديق الداخلية والخارجية وأسواق الأسهم بعيدا عن حساب المخاطرة مما يؤدي الى مثل هذه النتائج مع إهمال تام للسوق العقاري كملاذ آمن. مصلحة معاشات التقاعد أعلنت منذ سنوات عن مشروع مساكن لموظفي التقاعد وفشل في مهده ولم يحقق المرجو منه بسبب عدم توفر العناصر التي سبق ذكرها في بداية المقال. ومثال آخر مشروع الرائدة السكني في محافظة جدة والذي تبلغ مساحته 2,5 مليون متر مربع ويضم أكثر من 7,000 وحدة سكنية، ومع ان موقعه مميز وفكرته ممتازة وذا عوائد مجزية إلا أن المشروع يحبو منذ سنوات وسير العمل فيه بطيء، ومثل هذا المشروع يمكن بيعه على الخارطة حيث يكثر الطلب على المساكن في جدة ويبقى الفكر الإداري والتسويقي هما العائق. ومع ان المؤسستان لهما مشاريع عقارية ناجحة إلا انه لم يتم استثمار هذه التجارب جيدا لتكون رافداً مهماً في تعزيز واستثمار حقوق المشتركين في نظام التقاعد والتأمينات. والتي لو تم زيادتها ومنحها الاهتمام من خلال إنشاء أذرعة استثمارية عقارية تدار بعقلية تجارية والتركيز على تطوير مشاريع سكنية وتجارية وصناعية وسياحية تحتاجها البلاد، لكان أفضل من التركيز على سوق الأسهم الذي تسبب في تناقص موارد هذه المؤسسات.

مشاركة :