حتى لا تتكرر مأساة‮ ‬التدافع‮ ‬في‮ ‬منى

  • 10/16/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أكد عدد من علماء الإسلام أن إصرار البعض على تكرار حج التطوع، هو أبرز أسباب الزحام الذي‮ ‬أدى إلى حادث التدافع في‮ ‬منى خلال موسم حج هذا العام وذهب ضحيته مئات الحجاج‮.‬ وطالب العلماء بترشيد حج التطوع لتخفيف الزحام،‮ ‬موضحين أن التبرع بنفقات هذا الحج للفقراء والمحتاجين أكثر ثواباً‮ ‬عند الله‮.‬ كما أكد العلماء ضرورة أن‮ ‬يلتزم ضيوف الرحمن بمنهج التيسير في‮ ‬أداء المناسك،‮ ‬و أن الحاج‮ ‬يجب ألاّ‮ ‬ينفذ من السنن والمستحبات إلا ما‮ ‬يستطيع وما تسمح به الظروف‮.‬ وقال العلماء لالخليج‮ ‬إن هناك دروساً‮ ‬مستفادة من حادث التدافع في‮ ‬منى،‮ ‬ولا بد من الاستفادة بها،‮ ‬وفيما‮ ‬يلي‮ ‬خلاصة ما قدموه من نصائح وتوجيهات‮:‬ يقول د‮. ‬أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء‮: ‬يقول تعالى‮ ‬ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً،‮ ‬ومن كفر فإن الله‮ ‬غني‮ ‬عن العالمين‮‬،‮ ‬أي‮ ‬أن الحج لازم على كل مستطيع حال توفر شرط الاستطاعة،‮ ‬ولذلك فإن الانشغال عن فريضة الحج هو انشغال عن عبادة واجبة وتأخيرها‮ ‬يعرض الإنسان لضياع فرصة لا‮ ‬يدري‮ ‬هل ستتاح له مرة أخرى أم لا،‮ ‬فالأعمار بيد الخالق القادر وحده،‮ ‬وهو العليم الخبير،‮ ‬وعلى كل إنسان أن‮ ‬يلبي‮ ‬نداء خالقه ويبادر بأداء الفريضة متى توفرت له الاستطاعة المادية والبدنية‮.‬ ترشيد مطلوب ويتابع عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر‮: ‬إن الحج فرض على المسلم القادر عليه مرة واحدة في‮ ‬العمر،‮ ‬وتكراره مجرد عبادة تطوعية،‮ ‬ولو وجه المسلم نفقات حجه التطوعي إلى مساعدة الفقراء و المحتاجين لكان ذلك أفضل وأكثر ثواباً‮ ‬له عند الله،‮ ‬ومجتمعاتنا العربية والإسلامية تعج الآن بالفقراء والمرضى وأصحاب الحاجات،‮ ‬وهذا أمر لا‮ ‬يجور للإنسان أن‮ ‬يتجاهله،‮ ‬والمسلم لكي‮ ‬يعيش سعيداً‮ ‬في‮ ‬مجتمعه فإن عليه حقوقاً‮ ‬للفقراء والمحتاجين في‮ ‬هذا المجتمع،‮ ‬وعليه أن‮ ‬يشعرهم أيضاً‮ ‬بقدر من السعادة والرضا حتى‮ ‬يمحو ما في‮ ‬نفوسهم من حسد أو حقد‮.‬ لذلك‮ ‬ينصح د‮. ‬هاشم القادرين الذين‮ ‬يحرصون على أداء مناسك الحج كل عام أن‮ ‬يعيدوا حساباتهم،‮ ‬وأن‮ ‬يقدموا الأموال التي‮ ‬ينفقونها في‮ ‬رحلات الحج التطوعية إلى الفقراء والمرضى وأصحاب الحاجات،‮ ‬لأنهم بذلك‮ ‬يحلون مشكلتين كبيرتين‮:‬ ‮- ‬الأولى مساعدة الفقراء والمحتاجين وهذا أمر مهم للغاية وواجب ديني‮ ‬واجتماعي‮.‬ ‮- ‬والثانية‮: ‬تخفيف حدة الزحام في‮ ‬الحج وإعطاء الفرصة لمن لم‮ ‬يسبق لهم أداء الفريضة لكي‮ ‬يؤدوها في‮ ‬سهولة ويسر،‮ ‬فحج التطوع أهم أسباب الزحام ولا بد من ترشيده‮.‬ شريعة اليسر الفقيه الأزهري‮ ‬د‮. ‬سعد الدين هلالي‮ ‬أستاذ الشريعة الإسلامية‮ ‬يعتبر حج التطوع المسؤول الأول عن الزحام في‮ ‬الحج،‮ ‬ويقول‮: ‬الزحام الشديد الذي‮ ‬نشاهده في‮ ‬الحج‮ ‬يأتي‮ ‬نتيجة حرص كثير من القادرين على تكرار الحج كل عدة أعوام،‮ ‬ومن بين الحجاج من‮ ‬يتحايل لكي‮ ‬يؤدي‮ ‬الحج كل عام‮.‬ ويوضح د. هلالي‮ ‬أن شريعتنا الإسلامية تقوم على اليسر ولا تعرف العصر وتحميل المسلم ما لا‮ ‬يطيق،‮ ‬فالله سبحانه وتعالى لا‮ ‬يلزم الإنسان بأمر فوق طاقته والقرآن الكريم وضع قاعدة التيسير بقول الحق سبحانه‮ ‬لا‮ ‬يكلف الله نفساً‮ ‬إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت‮‬،‮ ‬فالله سبحانه وتعالى أخبرنا في‮ ‬كتابه الكريم‮ ‬يريد بنا اليسر ولا‮ ‬يريد لنا العسر والمشقة،‮ ‬ومن مظاهر رحمته بعباده أنه لم‮ ‬يكلفهم ما لا‮ ‬يطيقون وهو القائل‮ ‬ما‮ ‬يريد الله ليجعل عليكم من حرج‮‬،‮ ‬والقائل‮ ‬يريد الله أن‮ ‬يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً‮.‬ ولذلك‮ ‬ينبغي‮ ‬على المسلم أن‮ ‬يأخذ بمنطق التيسير،‮ ‬فالحج مرة واحدة،‮ ‬وبما أن الحج أصبح جهاداً‮ ‬بدنياً‮ ‬ومشقة كبيرة فلا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يكلف المسلم نفسه فوق طاقته،‮ ‬وعليه أن‮ ‬يقدم نفقات حجه التطوعي‮ ‬لو كان‮ ‬يريد أجر وثواب الحج التطوعي‮ ‬للفقراء وأصحاب الحاجات وما أكثرهم في‮ ‬بلادنا العربية والإسلامية،‮ ‬وقد قال كثير من العلماء إن التبرع لأعمال الخير أولى من حج التطوع‮.‬ نظرة جديدة ويؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر أن مناسك الحج تحتاج إلى نظرة جديدة تقوم على التيسير ومراعاة الزحام الشديد،‮ ‬ويقول هناك سنن ومستحبات فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرص عليها صحابته اقتداء برسول الإنسانية،‮ ‬وهي‮ ‬أمور تجلب لمن‮ ‬يفعلها الأجر والثواب إذا كان قادراً‮ ‬عليها بشرط ألاّ‮ ‬يعرض حياته أو حياة الآخرين للخطر،‮ ‬وعندما أدى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وأدى بعض الأمور المستحبة،‮ ‬قال‮ ‬خذوا عني‮ ‬مناسككم‮ ‬لم‮ ‬يكن في‮ ‬الأماكن المقدسة هذا العدد الكبير من ضيوف الرحمن،‮ ‬ولم‮ ‬يكن هناك زحام كالذي‮ ‬نراه اليوم،‮ ‬ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا اليوم وشاهد هذا الزحام على الحج لنهى عن كثير من الأمور‮ ‬غير الواجبة التي‮ ‬يفعلها الحجاج‮.‬ لذلك‮ ‬يؤكد د‮. ‬هلالي‮ ‬ضرورة حرص الحاج على أداء الأركان الأساسية للفريضة وأن‮ ‬يلتزم بالواجبات أما السنن والمستحبات وهي‮ ‬معروفة وموضحة في‮ ‬الكتيبات التي‮ ‬يحملها ضيوف الرحمن فالإنسان‮ ‬يفعل منها ما‮ ‬يستطيع وما تسمح به الظروف‮.‬ دروس من‮ ‬التدافع‮‬ الفقيه الأزهري‮ ‬د‮. ‬محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر‮ ‬يؤكد ضرورة أخذ الدروس من حادث التدافع في‮ ‬منى هذا العام ومساندة المملكة العربية السعودية في‮ ‬اتخاذ الإجراءات التي‮ ‬تراها مناسبة للحد من تكرار الحج والعمرة،‮ ‬ويقول‮: ‬الإسلام دين‮ ‬يسر لا عسر فيه،‮ ‬والله سبحانه تعالى لا‮ ‬يلزم الإنسان بأمر فوق طاقته،‮ ‬لا‮ ‬يكلف الله نفساً‮ ‬إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت‮. ‬ ومن مظاهر رحمته بعباده أنه لم‮ ‬يكلفهم ما لا‮ ‬يطيقون،‮ ‬ومن هنا لا‮ ‬ينبغي‮ ‬على المسلم أن‮ ‬يكلف نفسه بدنياً‮ ‬ومالياً‮ ‬نفقات ومتاعب حج النافلة طمعاً‮ ‬في‮ ‬الأجر، لأن الأجر المنتظر من حج النافلة‮ ‬يستطيع المسلم أن‮ ‬يحصل عليه من أعمال كثيرة،‮ ‬من بينها التصدق على الفقراء والمساكين والمرضى وطلاب العلم الفقراء وغير ذلك من أوجه الإنفاق الكثيرة والمتنوعة‮. ‬ما‮ ‬يطالب د‮. ‬عثمان بتوعية الحجاج في‮ ‬بلادهم قبل السفر بأحكام المناسك وبيان الواجبات من المستحبات وإرشاد ضيوف الرحمن إلى ضرورة التزام منهج التيسير في‮ ‬أداء المناسك، والذي‮ ‬يجنبهم مخاطر كثيرة،‮ ‬ويقول‮: ‬على ضيوف الرحمن تفادي‮ ‬الزحام في‮ ‬رمي‮ ‬الجمرات،‮ ‬وأن‮ ‬يأخذوا بآراء العلماء والفقهاء الذين قالوا بالرمي‮ ‬طوال ساعات الليل والنهار،‮ ‬وأيضاً‮ ‬في‮ ‬الطواف حول الكعبة ليس مطلوباً‮ ‬من المسلم أن‮ ‬يقبل الحجر الأسود وحرص البعض على ذلك بعرضه ويعرض الآخرين لمخاطر،‮ ‬وليس مطلوباً‮ ‬من المسلم أن‮ ‬يصعد الجبل المعروف بجبل الرحمة في‮ ‬عرفات،‮ ‬فعرفات كله موقف ولا فضل فيه لمكان على آخر‮.. ‬وليس مطلوباً‮ ‬من المسلم أن‮ ‬يبيت في‮ ‬مزدلفة بل المطلوب منه أن‮ ‬يمر عليها ويجمع منها الحصوات التي‮ ‬سيرمي‮ ‬بها الجمرات‮.. ‬ويجوز لكبار السن والمرضى أن‮ ‬يغادروا منطقة منى أيام التشريق ويبيتوا في‮ ‬مكة أو ضواحيها حرصاً‮ ‬على سلامتهم،‮ ‬وهذه مجرد إشارات للأمور التي‮ ‬يجوز للحاج أن‮ ‬يتخلى عنها من دون أن‮ ‬يؤثر ذلك في صحة حجه ولا في أجره وثوابه‮.‬ كتيبات التعسير العالمة الأزهرية د‮. ‬عبلة الكحلاوي‮ ‬تعبر عن حزنها الشديد لما حدث في‮ ‬حج هذا العام من تدافع ووقوع قتلى ومصابين،‮ ‬وتسأل الله أن‮ ‬يحتسبهم من الشهداء الأبرار،‮ ‬وتؤكد أن التعسير في‮ ‬أداء مناسك الحج‮ ‬يصنعه بعض الذين‮ ‬يتصدون للفتوى وتغيب عنهم سماحة الإسلام ويسره،‮ ‬وتقول‮: ‬إن الحجاج‮ ‬يقرأون في‮ ‬كتيبات عديدة‮ ‬يحرض الكثير منها على التعسير،‮ ‬ذلك أن معظم الكتيبات الإرشادية تقول للحجاج‮: ‬هكذا حج رسول الله،‮ ‬فإذا أردتم حجاً‮ ‬مبروراً‮ ‬فحجوا كما حج،‮ كما ‬أنها تحمل عبارة‮ ‬الأجر على قدر المشقة‮ ‬وهي‮ ‬تدفع بعض الحجاج إلى التعسير على أنفسهم وتعريض أبدانهم لمشقات لا تحتملها مع أن دين الله‮ ‬يسر لا عسر،‮ ‬ولو كان رسول الله‮ ‬يعيش بيننا الآن ويؤدي‮ ‬الحج لاستغنى عن كثير من السنن التي‮ ‬أداها قبل أن تتدفق هذه الأمواج البشرية على المشاعر المقدسة خلال موسم الحج‮.‬ وتشير د‮. ‬عبلة إلى أن مناسك الحج معروفة ومحددة ولا‮ ‬يستطيع أحد أن‮ ‬ينتقص منها،‮ ‬وهناك أركان وواجبات وسنن،‮ ‬وإذا كان رسول الله‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮ ‬قال‮: ‬خذوا على مناسككم إلا أن المسلم ليس مطالباً‮ ‬بفعل سنة‮ ‬يعجز عن أدائها،‮ ‬فمن استطاع أن‮ ‬يحج كما حج رسول الله‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮ ‬من دون أن‮ ‬يعرض حياته للخطر أو‮ ‬يتسبب ‮ ب‬أذى بدني‮ ‬أو نفسي‮ ‬لرفاقه من ضيوف الرحمن فهو مطالب شرعاً‮ ‬بأن‮ ‬يفعل ذلك،‮ ‬ومن ترك سنة حالت ظروفه أن‮ ‬يفعلها فإن دين الله‮ ‬يسر لا عسر،‮ ‬ولو عاش رسول الله‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮ ‬بيننا اليوم وشاهد ما آل إليه الحج من زحام شديد لتخلى عن كثير مما فعل،‮ ‬رحمة بالحجاج وتيسيراً‮ ‬عليهم‮.‬ مشقة مصطنعة وتضيف الفقيهة الأزهرية‮: (‬لا‮ ‬يكلف الله نفساً‮ ‬إلا وسعها‮) ‬هكذا وجهنا الخالق عز وجل في‮ ‬أمور حياتنا وفي‮ ‬عباداتنا،‮ ‬فلا‮ ‬يجوز للمسلم أن‮ ‬يحمل نفسه أكثر من طاقتها والمشقة المصطنعة في‮ ‬الحج لا فائدة منها،‮ ‬والذين‮ ‬يعرضون حياتهم للخطر في‮ ‬رمي‮ ‬الجمرات وفي‮ ‬الصعود على جبل الرحمة في‮ ‬عرفات،‮ ‬والذين‮ ‬يتركون السيارات المخصصة لنقلهم بين المشاعر،‮ ‬ويسيرون على الأقدام من دون حاجة لذلك،‮ ‬هؤلاء‮ ‬يصعّبون على أنفسهم ما سهله لهم الإسلام الذي‮ ‬يقوم في‮ ‬كل عباداته ومعاملاته على اليسر ورفع الحرج، ولذلك نقول لكل من‮ ‬يسافر لأداء الفريضة‮: ‬لا تكلف نفسك فوق طاقتها في‮ ‬المال أو الجهد الجسدي،‮ ‬واحرص على راحة‮ ‬غيرك،‮ ‬كما تحرص على راحة نفسك،‮ ‬وعامل الناس بما تحب أن‮ ‬يعاملوك به،‮ ‬ونذكر كل ضيوف الرحمن بقول الحق سبحانه‮: ‬ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‮‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لا‮ ‬يجوز لأحد أن‮ ‬يعرض حياته للهلاك بالصعود إلى قمم الجبال،‮ ‬أو مدافعة ضيوف الرحمن في‮ ‬رمي‮ ‬الجمرات،‮ ‬أو الإفاضة من عرفات،‮ ‬أو السعي،‮ ‬أو الطواف‮.‬

مشاركة :