اللبنانيون يئنون تحت وطأة أزمة خبز ووقود

  • 8/13/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - يواجه لبنان أزمة خبز بينما تصطف طوابير طويلة أمام ما تبقى من أفران مفتوحة في شمال شرق بيروت، بينما بلغت الأزمة ذروتها مع إعلان مصرف لبنان بدء فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ما يعني عمليا رفع الدعم عن هذه المواد الحيوية وهو القرار الذي أحدث هلعا بين الناس. فكل شيء مرتبط بالمحروقات ورفع الدعم يعني احتمال ارتفاع الأسعار بشكل خيالي، ما يدفع البعض إلى تخزين المادة إذا كانوا يملكونها، أو عدم القدرة على شرائها أو شراء مشتقاتها كالغاز أو المواد الأساسية التي تحتاج إلى الوقود لتصنيعها، والخبز أحدها. وأغلقت عدة أفران في بيروت ومناطق أخرى أبوابها، بينما تعمل أخرى على تقنين المبيعات جراء أزمة شح مادة المازوت الضروري لتشغيلها. ومنذ الصباح توجه ميخائيل حماتي (72 عاما) إلى فرن في شمال شرق بيروت لشراء الخبز، ليفاجأ بطابور من الناس الذين سبقوه. ويقول بحسرة، في إشارة إلى أزمات المحروقات والأدوية ومواد أساسية في لبنان "لم يعد هناك أي شيء في البلد". وفي شوارع بيروت شبه الخالية الجمعة، على الرغم من أنه يوم عمل، بدت الحركة أقل بكثير من العادة، فمعظم اللبنانيين لا يجدون وقودا لسياراتهم للتنقل، فمنذ أسابيع بدأت أزمة المحروقات تتسع لتبلغ أوجها مع إعلان المركزي اللبناني التوقف عن دعم المحروقات. ويتصبب العرق من جبين ميخائيل المنهك الذي يتكئ على سيارة مركونة إلى جانب الطريق للاستراحة من الانتظار تحت أشعة الشمس. تدمع عيناه ويقول "ماذا يوجد في البلد أساسا؟ هناك نقص في كل شيء". ويعاني لبنان منذ صيف 2019 من انهيار اقتصادي غير مسبوق صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. ووضعت المصارف قيودا على الودائع وبدأت العملات الأجنبية تنفد من الأسواق والليرة اللبنانية تفقد قيمتها. وضرب الانهيار قطاعات مهترئة أساسا مثل الكهرباء وتعثرت أخرى أبرزها قطاع الصحة بعد تفشي فيروس كورونا ثم هجرة مئات الأطباء والممرضين، ومؤخرا نقص الأجهزة الطبية والأدوية جراء التدهور المالي وعدم القدرة على فتح اعتمادات الاستيراد جراء نضوب الاحتياطي الإلزامي. وخلال اليومين الماضيين وعلى وقع التقارير حول رفع الدعم والشح في المحروقات، بدأ المواطنون يواجهون صعوبات في تأمين حتى الخبز ومنهم من تنقل بين عدد من الأفران ومتاجر البقالة من دون أن يحالفه الحظ. وإلى جانب حماتي، تجمع نساء ورجال وأطفال أمام باب فرن النصر في منطقة النبعة، فيما وقف أحد العاملين لينظم عملية التوزيع، الكبار في السن أولا ثم النساء والأطفال. وترتسم ابتسامة على وجه طفل حين يفوز أخيرا بكيس خبز ويخرج من بين الجمع المحيط به. ويقول صاحب الفرن جاك الخوري (60 عاما) الذي فتح عند الساعة الثالثة فجرا ليبدأ مباشرة باستقبال الزبائن"أغلقت الأفران في كل المنطقة، وبات الضغط كله علي.. حصتي شهريا 36 طنا من الطحين وعلى هذه الحال لن تكفيني سوى أسبوع"، مناشدا المسؤولين بكل غضب "يجب دعمنا بالمازوت والطحين". ومنذ أسابيع، يحذر أصحاب الأفران من أزمة خبز في حال لم يتوفر لهم المازوت الكافي لتشغيل الأفران والمطاحن. ويقول نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم "الأفران غير قادرة على توفير المازوت... ولا نعرف إن كانوا سيوزعون علينا، إنهم غائبون تماما عن السمع"، في إشارة إلى المسؤولين، مضيفا "يعطوننا مازوت يكفي ليومين نقضيهما في حالة قلق وخوف، فيما يجدر أن يتم تزويد الأفران والمطاحن بكميات تكفيها لمدة شهر على الأقل". وشرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم عن سلع رئيسية أبرزها الطحين والوقود والأدوية. وضاعف قرار المصرف المركزي الأربعاء خوف المواطنين. وفي طرابلس في الشمال، أغلقت أفران كثيرة أبوابها وخلت رفوف المحال الغذائية من ربطات الخبز الأبيض. أما الأفران القليلة التي فتحت أبوابها فتشهد إقبالا كثيفا. ويقول أحد العاملين في واحد من أكبر أفران طرابلس "فرضنا تقنينا على توزيع الخبز على المتاجر وبتنا نوزع بأقل من نصف الكمية التي كنا نرسلها سابقا". وبعدما نفدت ربطات الخبز الأبيض من أحد أفران صيدا في الجنوب، بدأ بعض المواطنين بشراء الخبز الأسمر أو حتى الكعك. ويقول عامل في فرن يشهد اكتظاظا "نحن حاليا نعوض النقص الحاصل في بقية الأفران... لكننا نبيع كل مواطن ربطة واحدة". وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 78 بالمئة من سكان لبنان باتوا يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش 36 بالمئة في فقر مدقع. ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يفوق 400 بالمئة، وفق الأمم المتحدة. ويقول محّمد عبدالقادر (62 عاما) الذي يجهد لتأمين لقمة العيش له ولأولاده الخمسة، من عمله في فرن معجنات في منطقة البسطة في بيروت "حين ندفع إيجار المنزل، لا يبقى شيء". لم يعد عبدالقادر قادرا على شراء اللحمة، قائلا "أنظر إلى متجر القصاب من بعيد وأكمل طريقي"، فيما يتحسر على فواكه موسمية مثل البطيخ والعنب يشتهيها ولا يقدر على شرائها، مضيفا "البارحة، أكلت الخبز اليابس ... مع البصل والبندورة".

مشاركة :