لا يوجد تطرف على الريحة أو زيادة أو مضبوط، التطرف عندما يرتدى ثوب الدين ولا تفرق معه، إما أنك تقبله كما هو أو أن رقبتك ستصبح هي الثمن. يقينى أن ما نراه فى أفغانستان الآن ليس هو المشهد الأخير، رغم أنه يبدو ظاهريًا كذلك، استسلام الحاكم وهروبه وعدم قدرة الجيش على المقاومة، لا يعنى الرضا والخضوع، هى مرحلة للاستيعاب والتقاط الأنفاس ومحاولة للنفاذ من الجحيم الذي يتربص بهم، ما يجرى الآن كشف الحالة الأفغانية في ظل الرعاية الأمريكية، وذلك على مدى عشرين عامًا، لم يعش الإنسان الأفغانى تحت سماء وطن حر، تخلص من طالبان ظاهريًا ولكنه لم يمتلك السلطة، وظل هؤلاء الملتحون بجلبابهم، الذى يعود بنا لزمن سحيق، ونظراتهم التى تحمل الوعيد لكل من يخالفهم الرأى، ظل هؤلاء يترقبون الفرصة للانقضاض على السلطة، عندما تتقطع أنفاس أمريكا ويريد الجيش العودة للديار. خرجوا توًا من الكهف ليحكموا العالم، دائمًا الصراع الدينى هو الطريق لسفك الدماء، كل المذابح طوال التاريخ شهدت إما رفع الصليب في وجه فريق يرفع الصليب، أو المصحف في مواجهة المصحف. هناك حالة ذعر فى العالم من هؤلاء، والكل يخشى إثارة غضبهم، يحلم كل منهم بسرعة الاستشهاد حتى يلتقى بـ76 حورية وعده بها إمامه، تتراءى أمامهم صور الحوريات ولهذا يسارعون بوضع الحزام الناسف وهم في عز لحظات النشوة. أراهن على الشعب الأفغانى، كما كان الرهان على الشعب المصرى عندما أسقط الإخوان، وهو ما ننتظره أيضًا من الشعب التونسى، هناك حسابات عالمية فى التعامل مع (طالبان)، كل دولة لها مصالحها ستسعى لتحقيقها، بينما مصلحة الشعب الأفغانى وحياته لا تعني أحدًا، نفس هذه المعادلات مع اختلاف الدوافع هي التى تُبقى على بشار الأسد على قمة سوريا، فهو رئيس وفقًا لتوازنات دولية بين القوى الفاعلة في المشهد السورى، روسيا وأمريكا وإسرائيل وتركيا وإيران، لو تغيرت الحسابات سنجد أمامنا (غنى) آخر يفر من البلاد. الشعب الأفغانى أعرفه من خلال الأفلام السينمائية التى شاهدتها فى مهرجانات عالمية، لن يحكمه أبدًا أصحاب اللحى، رغم أنهم يتحدثون اليوم عن السماح للمرأة بالعمل، طبقًا للشريعة الإسلامية، وبالمناسبة المتحدث الرسمى اسمه ذبيح الله مجاهد، لم يقل لنا ما الذى يقصده بالشريعة، هل هي التى يقرها عدد من شيوخ المؤسسة الرسمية عندنا، والتى تبيح ضرب الزوجة على شرط ألا يكسر لها الزوج ضلعًا؟ فساد السلطة الأفغانية السابقة لا يعنى أن هذا الشعب غير قادر على حكم نفسه بنفسه، ولكنه لم يختر الرئيس، ولم يشعر أفراد الجيش بأنهم يدافعون عن وطن، ولكن عن رئيس خذلهم وفرَّ بعيدًا مع حقائب أمواله. (طالبان) أحالوا وطنهم إلى (إمارة)، فهم لا ينظرون لأنفسهم باعتبارهم دولة، ولكن إمارة إسلامية تنتظر أن ينضم إليها باقي الإمارات، وما نراه ظاهريًا الآن من توافقات مؤقتة بين الطالبان سينفجر قريبًا، وسنجد كل فريق منهم يريد أن يحتكر السلطة لنفسه، بحجة أنه هو الذى يعبر عن الإسلام. لن ينخدع العالم بتلك الكلمات التى يقدمونها لنا لتحلية البضاعة: نحترم المرأة، ونفتح باب الديمقراطية، لا توجد أى بارقة أمل فى حكم ديني يمسك كتاب الله فى يد والسيف في يد!!. [email protected] المقال: نقلاً عن(المصري اليوم).
مشاركة :