ملامح المسرح الشعري في عصر الحداثة الشعرية

  • 8/24/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في أزمنة التحولات الجارفة والثقافات السائلة لا تستقر المفاهيم، فالقصة لم تعد سرد أحداث بقدر ما هي استبطان وحفر وتصور مبطن ومدفون لما تحت الحكاية، والشعر لم يبق مرهوناً لشكل إجرائي واحد هو (القصيدة)، بقدر ما هو اليوم نسغ عميق لكل إبداع. لا يوجد اليوم فن نخبوي منعزل، بسبب آليات الاتصال الحديثة التي أنهت ألم الفرقة بين الأجناس، فالثقافة لم تعد محبوسة في متاريس ونظريات مغلقة بل تحولت الثقافة إلى سيل جارف يتمدد في كل اتجاه. جائزة محمد الثبيتي للنص المسرحي تفتح هنا سؤال المعرفة الذي لا يخبو: كيف سيكون شكل لقاء الشعر بالمسرح في عصر الحداثة؟ هل سيستعيد فقط تجارب ماضوية؟ أم عليه أن يخلق نديَّة متبادلة وخصوبة متبادلة؟ في وقت تتصاعد فيه التهم للنص المسرحي بأنه غارق في سرديته ونثريته وربما عاديته، فهل سيغتني بروحٍ شعريةٍ قويةٍ؟ وهل سينشط ويتحفز ويكتنز بالشعر؟ بل هل سيخرج بنا هذا التوجه عما ألفناه من المسرح الشعري للرحابنة وتوفيق الحكيم وصلاح عبدالصبور، الذي كان غارقاً في شكليات النظم الشعري نحو تصور جديد لـ(مسرح شعري) وفق ما يجب أن يكون عليه الشعر الحديث في المسرح الحديث بما يتواءم ومرحلة ما بعد الحداثة التي نعيشها اليوم بإيجاد نص مسرحي يركز على روح الشعر التي تحفِّز المسرحَ كلّه على ابتكار صيغ جديدة. جائزة الثبيتي نجحت في أنها فتحت باباً باتجاه (المسرح الشعري الحديث) واحتفت بشكل ما بحوارية الفنون وجاءت لتكون شكلاً من أشكال التصادي بين حقول المعرفة. وهذه الحوارية عليها أن تزيد حقول المسرح والشعر غنى وأن تؤسس لنشوء علاقة تقف على أرض صلبة تذهب نحو عمقٍ خصيب يكون فيه الشعر نبضاً وروحاً كهربية تعمل على تحفِّيز وتنشِّيط المسرحَ وتبثُّ في أوصاله روحاً طازجة وجديدة مستمدة من إيقاع الشعر، بحيث تمثل شحنةُ للمسرح وتكون أحد عوامل تخليص القصيدة من سكونها وأحاديتها وركون أدواتها. ناصر بن محمد العُمري

مشاركة :