عنف في الدراما - مهـا محمد الشريف

  • 10/22/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إن أحداً من المهتمين بالشأن الثقافي والإعلامي والاجتماعي لا يجهل الأهمية الفكرية والاجتماعية لتأثير المسلسلات التلفزيونية على أفراد الأسرة، ولا يجهل محتوى أغلب المسلسلات وبشكل خاص المدبلجة والتي تتكون من عدة أجزاء ما يجعلها تسيطر بشكل كبير على مساحة زمنية ليست بالقصيرة في حياة المتابعين والمهتمين. وفي هذه السلسلة المكونة من عدة أجزاء كل جزء يحتوي 40 حلقة أو أكثر وتلك الأصول الثقافية المختلفة والمشكلات والقضايا الاجتماعية والخصائص التي بلغت قمة نشاطها من العنف والقتل، لم تقدم أي آفاق معرفية تنسجم مع خصوصية المجتمع أو تتوافق مع نظريته الكاملة. إننا أمام أمور لا تُدرك بالحس فقط بل يمكن الوصول إليها بالعقل، وفي أكثر من موضع وبحث ودراسة أثر الإعلام في الحياة النفسية والسلوك، ودوره في تحوير الدوافع ومردودها الانفعالي على الحياة الاجتماعية، وكثير من المشاهد تسبب الضيق للمتلقي بصفته مسؤولاً عن عدد من أفراد أسرته، "قس على ذلك" العبارة التي نبهنا إليها الدكتور محمد عابد الجابري، وهي تعبير حقيقي ودقيق عن أزمة القيم التي ورثها عن الماضي، وما يكتسبه الفرد من معلومات وأفكار وعادات ومشكلات معقدة ومروعة تستهلك تفكيره وعاطفته يصعب بعدها التكييف مع حياته الطبيعية وتناهض فطرته. إن وجود هذا الكم الهائل وهذه الكثافة من المسلسلات تجاوز لثقافة المجتمع والأسرة ومدان من يتحكم بالنزعة الإنسانية ويسخرها إلى ثقافة متوحشة وخصوصاً في خضم الأحداث المتفرقة التي تتسم بالقسوة، وكذلك الحال المواقف الجديدة وغير المعهودة التي نتج عنها تغيرات ملحوظة في السلوك والنضج والأحداث. وسعياً إلى مواجهة آثار هذه الاضطرابات، على الإعلام رسالة لابد من تأديتها واحترام المبادئ التي تقوم عليها المنظومة الاجتماعية، وتجعل من السلام الذاتي والاستقرار الأسري هدفا وغاية مهما اختلفت الوسائل، فالشعوب تعاني من مشاهدة المجازر التي خلفتها الحرب حتى أصبح العنف محور الإيديولوجيات. ولم تترك الشركات التجارية مجالاً للمنافسة إلا سلكته لجذب المستهلك من الأطفال والشباب وتقوم بصناعة ألعاب اليكترونية ودمى مرعبة الشكل تعرضها بأساليب جاذبة تدفع الطفل لاقتنائها وتحرض ذاته البريئة على الإرهاب، وكان من الضروري تعزيز العمل لمكافحة الإرهاب بكل أنواعه ومساندة الدولة في القضاء على الأسباب المؤدية إليه. ولكن بعض المؤاشرات أتت على النقيض من ذلك ، يدرب بعض الآباء أولادهم على استخدام السلاح كنوع من الشجاعة والإقدام، ولا تلبث بين الفينة والأخرى أن تشاهد أو تسمع خبرا ينشر عبر وسائل الإعلام عن طفل قتل أخاه أو أخته والأجهزة الأمنية لديها إحصائيات من جرائم قتل متفرقة، وتنشر الحقائق أولا بأول. ولئن تبدي امتعاضك مما حل بالمجتمع وتستنكر هذه الأعمال، فإن التفسير لهذا المعنى هو قتل الإبداعية في العمل، وبذل الجهود إلى استغلال العاطفة لتمريرالبضائع والعروض فمن المؤكد يشاهد المجتمع اتساع نطاق العنف ويتخلى عن حيثياته وتفاصيله ومعارفه. إن الطريقة التي يقرأ بها الناس الفنون مختلفة ومتفاوتة على اعتبار أن ما تقدمه الفضائيات من هذه المسلسلات هو فن، على الرغم من أنها تفتقر للمتعة والانسجام وغائبة الفكر والمنطق.

مشاركة :