«الركض في شهوة النار» ظهور الكاتب المثقف داخل النص (1)

  • 10/24/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من كتب نصوص المؤذن، الراوي المثقف، أم المثقف الكاتب؟ أتفقد الرسائل النصية القديمة، أحولها لمكب النفايات الافتراضي، رسائل تتعدد من هنا وهناك، بعضها أو أكثرها دعوات لبرامج أمسيات ثقافية، اخترت عدم حضورها لكثرة السهل المكرر في خطابنا الثقافي العام. نص ورطة لذيذة ص7ــ كم هو سهل تدبيج صفحات التنظير وخلق ألوان متسامحة على صفحة الواقع المتخيل في عقولنا كمثقفين.. نص امتحان صـ31ـ صرت مكبلة تحت تأثير شهوة الكتابة.. نص لا أجد مخرجاً صـ42ـ .. فأنت قاص وروائي هيا أكتب قصتي وبهرجها بخيالك. نص مصباح فروشا ص62ــ يا أخي ناصر سأصحح ما بدر مني، أنت واضح أنك مثقف وأقسم لك. نص شبح صـ70ـ وللإجابة على السؤال ومن خلال الشواهد والعبارات الظاهرة دون تأويل بالإضافة للعبارات الضمنية التي تحيلك للمثقف الكاتب تجد أن المؤذن تورط بذاته داخل النصوص، لم يستطع في كثير من شخوصه أن يهرب من نفسه كونه مثقفا وكاتباً، أيضا ربما لأنه يتقمص في كل شخوصه دور البطل والسارد ما عدا نص النار التي تحول لراوي عليم، وفي ذلك أيضا إشارة لرغبة الكاتب بأن يتخفى ويتلبس شخوص حكاياه، وهذا ليس سيئا إلا عندما يكونها بذاته الكاتبة والمثقفة، على الراوي أن يكون مثقفاً وعليه أن ينسى ذلك خلال كتابة النص، أن يكون راويا لا كاتباً. أيضا ثمّة سؤال يلح من خلال تناول المؤذن لمفردة الأجنبي في الكثير من نصوصه وأثرها على المتلقي وعلى الكاتب نفسه إذا ما اقتنعنا بأن الكتابة عملية فضح لمحتوى الفكر ولنستعرض بعض الفقرات من نصوص مختلفة: تمسك السماعة غير آبهة بصاحب القهوة الأجنبي، يلتقم بعينيه الوقحتين جسدها الرقيق الركض في شهوة النار ص13ــ وبصري مشتت بين وجه المضيفة الأجنبية تتعلك باسترخاء مثير للأعصاب ومستفز.. لا أجد مخرجا صـ40ــ فعرفت أن المبيد الكريه الرائحة، يأتي من بلاد بعيدة، قومها ذوو بشرة حمراء خمرية يا صاحب التنكة ص46ـــ أنت تعرف ولم تخبرني؟ واحد أجنبي في عمر والدنا يرحمه الله ص49ــ أخذتني من أفكاري هذه العجوز الأجنبية،... مصباح فروشا ص60ــ يظهر الأجنبي أحيانا ليوحي بتعدد الوظائف التي يشغلها، مضيف، نادل مقهى، خدم منازل،... وأحيانا يظهر الأجنبي كبلد كما في نص صاحب التنكة الذي يرمز لهم بالبلاد البعيدة وذوو البشرة الحمراء. وثمة أخرى يظهر الأجنبي في إشارة لعرقه المختلف كما في نص مصباح فروشا. ويتذبذب بحسب السياق بين الحنق على الأجنبي كما في نص الركض في شهوة النار والنادل الذي يبحلق في جسد الفتاة. وبين التعاطف مع الأجنبيات، الزوجة الأجنبية، الخدم الذين يغادرون بأحلام محروقة كما في نص ورطة لذيذة. أجد أن الأمر في غاية الحساسية إذا ما ظهر الأمر - دون وعي- خاصة أننا ننظر لمجموعة قصص وليس قصة واحد، مما يبرز التأثر أو التحامل أو الأفكار الداخلية تجاه قضية ما، من حق كل كاتب أن يمرر ما يؤمن به لكن أيضا عليه أن يكون حذرا في تمريرها لأنها أحيانا تلتبس، فيسيء البعض فهمها وتأويلها. يبرهن أحمد المؤذن من خلال هذه المجموعة على تمكنه من أن يكون راوياً بغض النظر عن كون هذا الراوي شعبياً أم مثقفا، ساردا بذاته أو من خلال شخوصه، ثمّة اشتغال واضح على اللغة والقفز بالعبارات بتكنيك مختلف ورشيق.

مشاركة :