تتسارع الأيام ويبدأ العد التنازلي لـ30 يوما حُددّت لمجلس الشورى لبدء تنفيذ رسوم الأراضي البيضاء، وقد انبرى كثير من المحللين الاقتصاديين تحديدا للاجتهاد في تفسير تصريحات وزير الإسكان الأخيرة التي حرص فيها على توضيح الحقائق الغائبة عن المجتمع، والتي كانت وزارة الإسكان تخطط لها على مدى سنوات طويلة، حتى بدأ المخصص المالي للإسكان يستنفد يوما بعد يوم دون أن يشعر المواطنون بأي حلول عاجلة لمشكلة الإسكان. لكنني من المتفائلين الذين استبشروا خيرا مع الأنظمة التي حدثها صندوق التنمية العقارية، وكذلك مخرجات الإسكان المتنوعة، لكن الناس مع الأسف ليس لديهم أدنى مراحل الصبر، إلا من رحم ربك، وإلا فإن الدول تبنى في عقود، فلماذا يريدون من الإسكان حلولا في أشهر عدة؟ ما صدر هذه الأيام من إحالة رسوم الأراضي البيضاء إلى مجلس الشورى خطوة مهمة، تقلص الفترة الزمنية التي انتظرها العقاريون وملاك المخططات المهجورة، والقرار نافذ بلا شك، لكنها مسألة وقت. إنني أتطلع إلى أمور عدة بينما مجلس الشورى ينظر إلى هذا القرار، منها: ما مصير الأراضي التي عليها إشكالات التركة وهي معلقة منذ 30 عاما؟ ما مصير المساهمات العقارية التي تجاوز عمرها 40 عاما أو أكثر؟ ما الفرق بين محافظة "أ" ومحافظة "ح"، وهل الرسوم في الحالتين متطابقة؟ إشكالات عدة أمام النظر في القرار، أتمنى أيضا -والقرار تحت النظر- أن يراجع موضوع الأملاك الحكومية، إما بالتعويض أو إحالتها إلى الإسكان أو البناء عليها لمشاريع حكومية، ثم ما الأراضي البيضاء تعريفا؟ هل ما كان داخل النطاق العمراني أم خارجه، وهل تستوي مدينة مثل الرياض بأي من محافظات الحدود الشمالية التي تشكر وزارة الإسكان بإفصاحها أنه ليس لديها مشاكل من شح الأراضي في تلك المناطق البعيدة..؟ كل هذا لن يكون غائبا، ولكنه من باب التذكير فقط بأمور بدأ الناس يفتون فيها وليست لديهم دراية في ذلك إلا أهل الاختصاص. إن العقاريين يتطلعون إلى حل جذري لمشكلة ارتفاع الأسعار. والمواطن، وهذا حديثه في المجالس بشكل يومي، أن التكلفة والرسوم سيضيفان عبأ آخر وتكاليف على الأراضي، ولن تحل المشكلة. لكن على حد علمي أن وزارة الإسكان جادة في اتخاذ القرارات التي لا رجعة فيها حتى ولو أخذوا بقاعدة "ارتكاب أخف الضررين"، وهي مسألة فقهية تُجوِّز للإنسان الأخذ بها عند الضرورة. بقي من الحديث: هل القرض المعجل الذي لم يسلم أيضا من أحاديث الناس وفتاواهم، هل هو ربا، أم حيلة من حيل الربا، أم يعدّ بيعا صحيحا؟ لا شك أن صندوق التنمية العقارية أكد أنه قرض معجل يحتاج إلى فتوى شرعية. هل يجرُ منفعة؟ وهل المستفيد البنوك أم صندوق التنمية العقارية؟ ومن المتضرر من إقرار هذا القرض؟ خصوصا أن الناس غير ملزمين به. لقد أدرك المواطن أن صندوق التنمية العقارية يمنح قروضا دون فوائد، وبالإمكان التريث حتى صدور قرار رسوم الأراضي البيضاء، علّها تحل بعض المبالغات في الأسعار، ولم تعد الحاجة ماسة للقرض المعجل، وقد أعجبني أحد العلماء عندما سئل عنه قال: "الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات". فالإنسان أمام دينه عليه أن يستفتي ويأخذ بالفتوى من أصحابها، وعندي أن صندوق التنمية العقارية بالتأكيد لن يقر أمرا إلا وقد عرض على الهيئات الشرعية، والدولة حريصة على دين الناس، وهذه البلاد تحرص على نفع المواطن وتحقيق كل ما يمكن إسعاده وترفيهه دون ضرر. أسأل الله أن يبارك في جهود الإخوة في وزارة الإسكان، وتحية للعاملين ليلا ونهارا لإسعاد الوطن ومواطنيه.
مشاركة :